خبر الجحاف ونسبه وقصته يوم البشر
  /
  انعوا إياسا واندبوا مجاشعا ... كلاهما كان كريما فاجعا
  ويه(١) بني تغلب ضربا ناقعا(١)
  وانصرف عمير إلى عسكره، وأبلغ بني تغلب مقتل شعيب، فحميت على القتال وتذامرت على الصبر، فقال محصن بن حصين بن جنجور أحد الأبناء: مضيت أنا ومن أفلت من أصحاب شعيب بعد العصر، فأتينا راهبا في صومعته، فسألنا عن حالنا، فأخبرناه، فأمر تلميذا له، فجاء بخرق فداوي جراحنا، وذلك غداة يوم الجمعة. فلما كان آخر ذلك اليوم أتانا خبر مقتل عمير وأصحابه، وهرب من أفلت منهم.
  صوت
  إنّ جنبي على الفراش لناب ... كتجافي الأسرّ فوق الظَّراب
  من حديث نمى إليّ فما أط ... عم غمضا ولا أسيغ شرابي
  لشر حبيل إذ تعاوره الأر ... ماح في حال شدّة وشباب
  فارس يطعن الكماة جريء ... تحته قارح(٢) كلون الغراب
  عروضه من الخفيف. الأسرّ: البعير الذي يكون به السّرور، وهي قرحة تخرج في كركرته، لا يقدر أن يبرك إلا على موضع مستو من الأرض، والظراب: النشوز والجبال الصغار، واحدها ظرب. والشعر لغلفاء، وهو معد يكرب ابن الحارث بن عمرو بن حجر آكل المرار الكنديّ يرثي أخاه شرحبيل قتيل يوم الكلاب الأول، والغناء للغريض ثقيل أوّل بالسبابة في مجرى البنصر عن إسحاق ويونس وعمرو.
  / وكان السبب في مقتله وقصّة يوم الكلاب فيما أخبرنا به محمد بن العباس اليزيدي وعليّ بن سليمان الأخفش قالا حدّثنا أبو سعيد السكريّ قال أخبرنا محمد بن حبيب عن أبي عبيدة قال أخبرني إبراهيم بن سعدان عن أبيه عن أبي عبيدة قال أخبرني دماذ عن أبي عبيدة قال:
  كان من الحديث / الكلاب الأوّل أن قباذ ملك فارس لمّا ملك كان ضعيف الملك، فوثبت ربيعة على المنذر الأكبر بن ماء السماء - وهو ذو القرنين بن النعمان بن الشّقيّقة - فأخرجوه؛ وإنما سمّي ذا القرنين لأنه كانت له ذؤابتان، فخرج هاربا منهم حتى مات في إياد، وترك ابنه المنذر الأصغر فيهم - وكان أذكى ولده - فانطلقت ربيعة إلى كندة، فجاؤوا بالحارث بن عمرو بن حجر آكل المرار، فملَّكوه على بكر بن وائل، وحشدوا له، فقاتلوا معه، فظهر على ما كانت العرب تسكن من أرض العراق، وأبي قباذ أن يمدّ المنذر بجيش، فلما رأى ذلك المنذر كتب إلى الحارث بن عمرو: إني في غير قومي، وأنت أحقّ من ضمّني، وأنا متحوّل إليك؛ فحوله إليه وزوّجه ابنته هندا. ففرّق الحارث بنيه في قبائل العرب، فصار شرحبيل بن الحارث في بني بكر بن وائل وحنظلة بن مالك وبني أسيّد(٣)، وطوائف من بني عمرو بن تميم والرّباب، وصار معد يكرب بن الحارث - وهو غلفاء - في قيس، وصار
(١) كلمة ويه: إغراء وتحريض كما يقال: دونك يا فلان. ضربا ناقعا: بالغا قاتلا.
(٢) القارح: الفرس إذا استتم السنة الخامسة ودخل في السادسة.
(٣) كذا في ف، وفي سائر الأصول؛ وحنظلة بن الحارث في بني أسد.