خبر عبد الله بن معاوية ونسبه
  كانت الزنادقة من خاصته
  حدثني أحمد بن عبد اللَّه بن عمار قال حدّثني النوفلَّي عن أبيه عن عمه قال كان عمارة بن حمزة يرمى بالزندقة، فاستكتبه ابن معاوية، وكان له نديم يعرف بمطيع بن إياس، وكان زنديقا مأبونا، وكان له نديم آخر يعرف بالبقليّ وإنما سمي بذلك لأنه كان يقول: الإنسان كالبقلة فإذا مات لم يرجع، فقتله المنصور لما أفضت الخلافة إليه. فكان هؤلاء الثلاثة خاصّته، وكان له صاحب شرطة يقال له قيس، وكان دهريا(١) لا يؤمن باللَّه معروفا بذلك، فكان يعسّ باللَّيل فلا يلقاه أحد إلا قتله، فدخل يوما على ابن معاوية فلما رآه قال:
  إن قيسا وإن تقنّع شيبا ... لخبيث الهوى على شمطة(٢)
  ابن تسعين منظرا ومشيبا ... وابن عشر يعدّ في سقطه
  وأقبل على مطيع فقال: أجز أنت، فقال:
  وله شرطة إذا جنّه اللي ... ل فعوذوا باللَّه من شرطه
  قسوته
  قال ابن عمّار: أخبرني أحمد بن الحارث الخرّاز عن المدائنيّ عن أبي اليقظان وشباب(٣) بن عبد اللَّه وغيرهما، قال ابن عمار وحدّثني به سليمان بن أبي شيخ عمن ذكره:
  أن ابن معاوية كان يغضب على الرجل فيأمر بضربه بالسياط وهو يتحدّث ويتغافل عنه حتى يموت تحت السياط، وأنه فعل ذلك برجل، فجعل يستغيث فلا يلتفت إليه، فناداه: يا زنديق، أنت الذي تزعم أنّه يوحى إليك! فلم يلتفت إليه وضربه حتى مات.
  حدّثني أحمد بن عبيد اللَّه بن عمار قال حدّثني النوفليّ عن أبيه عن عمه عيسى قال:
  كان ابن معاوية أقسى خلق اللَّه قلبا، فغضب على غلام له وأنا جالس عنده في غرفة بأصبهان، فأمر بأن يرمى به منها إلى أسفل، ففعل ذلك به فتعلَّق بدرابزين كان على الغرفة، فأمر بقطع يده التي أمسكه بها، فقطعت ومر الغلام يهوي حتى بلغ إلى الأرض فمات.
  بعض شعره
  وكان مع هذه الأحوال من ظرفاء بني هاشم وشعرائهم، وهو الذي يقول:
  ألا تزع(٤) القلب عن جهله ... وعما تؤنّب من أجله!
  / فأبدل بعد الصبا حلمه ... وأقصر ذو العذل عن عذله
  فلا تركبنّ الصنيع الذي ... تلوم أخاك على مثله
(١) رجل دهري: ملحد لا يؤمن بالآخرة، ويقول ببقاء الدهر.
(٢) الشمط: بياض الرأس يخالط سواده.
(٣) في ف: «شبيب».
(٤) وزعه: كفه.