كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

خبر عبد الله بن معاوية ونسبه

صفحة 436 - الجزء 12

  لأن نداك يطفى المحل⁣(⁣١) عنها ... وتحييها أياديك الرّطاب

  تغنى إبراهيم الموصلي في شعره

  قال هارون بن محمد بن عبد الملك الزيات حدّثني حماد بن إسحاق عن أبيه عن جدّه إبراهيم الموصلي قال:

  بينا نحن عند الرشيد أنا وابن جامع وعمرو والغزال إذ قال صاحب السّتارة لابن جامع: تغنّ في شعر عبد اللَّه ابن معاوية بن عبد اللَّه بن جعفر، قال: ولم يكن ابن جامع يغني في شيء منه، وفطنت لما أراد من شعره، وكنت قد تقدّمت فيه، فأرتج على ابن جامع، فلما رأيت ما حلّ به اندفعت فغنيّت:

  صوت

  يهيم بجمل وما إن يرى ... له من سبيل إلى جمله

  كأن لم يكن عاشق قبله ... وقد عشق الناس من قبله

  فمنهم من الحب أودى به ... ومنهم من اشفى⁣(⁣٢) على قتله

  / فإذا يد قد رفعت الستارة، فنظر إليّ وقال: أحسنت واللَّه! أعد، فأعدته فقال: أحسنت! حتى فعل ذلك ثلاث مرّات، ثم قال لصاحب الستارة كلاما لم أفهمه، فدعا صاحب الستارة غلاما فكلمه، فمرّ الغلام يسعى فإذا بدرة دنانير قد جاءت يحملها فرّاش، فوضعت تحت فخذي اليسرى وقيل لي: اجعلها تكأتك⁣(⁣٣)، قال: فلما انصرفنا قال لي ابن جامع: هل كنت وضعت لهذا الشعر غناء قبل هذا الوقت؟ فقلت: ما شعر قيل في الجاهلية ولا الإسلام يدخل فيه الغناء إلا وقد وضعت له لحنا خوفا من أن ينزل بي ما نزل بك. فلما كان المجلس الثاني وحضرنا قال صاحب الستارة: يا بن جامع، تغنّ في شعر عبد اللَّه بن معاوية، فوقع في مثل الذي وقع فيه بالأمس، قال إبراهيم:

  فلما رأيت ما حلّ به اندفعت فغنيت:

  صوت

  يا قوم كيف سواغ عي ... ش ليس تؤمن فاجعاته

  ليست تزال مطلَّة ... تغدو عليك منغّصاته

  / الموت هول داخل ... يوما على كره أناته

  لابدّ للحذر النّفو ... ر من أن تقنّصه رماته

  قد أمنح الود الخلي ... ل بغير ما شيء رزاته⁣(⁣٤)

  وله أقيم قناة ودّ ... ي ما استقامت لي قناته


(١) المحل: القحط والجدب.

(٢) أشفى: أشرف.

(٣) كذا في م: وفي سائر الأصول «تكأك».

(٤) أصله رزأته فسهل، ورزأه ماله: أصاب منه شيئا.