أخبار عقيل بن علفة
  سب عمر بن عبد العزيز ابن أخته فعاتبه في ذلك
  أخبرني هاشم بن محمد الخزاعيّ قال حدّثنا الرياشيّ عن محمد بن سلَّام قال حدّثني ابن جعدبة قال:
  / عاتب عمر بن / عبد العزيز رجلا من قريش، أمّه أخت عقيل بن علَّفة فقال له: قبحك اللَّه! أشبهت خالك في الجفاء. فبلغت عقيلا فجاء حتى دخل على عمر فقال له: ما وجدت لابن عمّك شيئا تعيّره به إلا خؤولتي! فقبح اللَّه شرّكما خالا. فقال له صخير بن أبي الجهم العدويّ (وأمّه قرشية): آمين يا أمير المؤمنين. فقبح اللَّه شرّكما خالا، وأنا معكما أيضا.
  قرأ شيئا من القرآن فأخطأ فاعترض عليه عمر فأجابه
  فقال له عمر: إنك لأعرابيّ جلف جاف، أما لو كنت تقدّمت إليك لأدّبتك. واللَّه لا أراك تقرأ من كتاب اللَّه شيئا، قال:
  بلى، إني لأقرأ، قال: فاقرأ. فقرأ: {إِذا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزالَها} حتى بلغ إلى آخرها فقرأ: «فمن يعمل مثقال ذرة شرا يره ومن يعمل مثقال ذرة خيرا يره»، فقال له عمر: ألم أقل لك إنك لا تحسن أن تقرأ؟ قال: أولم أقرأ؟
  قال: لا، لأن اللَّه جلّ وعزّ قدّم الخير وأنك قدّمت الشر. فقال عقيل:
  خذا بطن هرشى أو قفاها فإنه ... كلا جانبي هرشى لهنّ طريق(١)
  فجعل القوم يضحكون من عجرفيّته.
  وروى هذا الخبر عليّ بن محمد المدائنيّ، فذكر أنه كان بين عمر بن عبد العزيز وبين يعقوب بن سلمة وأخيه عبد اللَّه كلام، فأغلظ يعقوب لعمر في الكلام فقال له عمر: اسكت فإنك ابن أعرابيّة جافية. فقال عقيل لعمر: لعن اللَّه شرّ الثلاثة، مني ومنك ومنه! فغضب عمر، فقال له صخير بن أبي الجهم: آمين. فهو واللَّه أيها الأمير شرّ الثلاثة. فقال عمر: واللَّه إني لأراك لو سألته عن آية من كتاب اللَّه ما قرأها. فقال: بلى واللَّه إني لقارئ لآية وآيات فقال: فاقرأ، فقرأ: إنّا بعثنا نوحا إلى قومه، فقال له عمر: قد أعلمتك / أنك لا تحسن. ليس هكذا قال اللَّه، قال:
  فكيف قال؟ قال: {إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً} فقال: وما الفرق بين أرسلنا وبعثنا!
  خذا أنف هرشى أو قفاها فإنه ... كلا جانبي هرشى لهنّ طريق
  دخل المسجد بخفين غليظين وجعل يضرب بهما فضحك الناس منه
  أخبرني عبيد اللَّه بن أحمد الرازيّ قال حدّثنا أحمد بن الحارث الخراز قال حدّثني علي بن محمد المدائنيّ عن عبد اللَّه بن أسلم القرشيّ قال:
  قدم عقيل بن علَّفة المدينة، فدخل المسجد وعليه خفّان غليظان، فجعل يضرب برجليه، فضحكوا منه فقال:
  ما يضحككم؟ فقال له يحيى بن الحكم - وكانت ابنة عقيل تحته -: يضحكون من خفيّك وضربك برجليك وشدّة جفائك. قال: لا، ولكن يضحكون من إمارتك؛ فإنّها أعجب من خفّي. فجعل يحيى يضحك.
(١) هرشى: ثنية في طريق مكة قريبة من الجحفة.