كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار عقيل بن علفة

صفحة 460 - الجزء 12

  مات ابنه علفة بالشام فرثاه

  أخبرني الحسن بن علي قال حدثنا محمد بن القاسم بن مهروية قال حدثني أبو مسلم عن المدائني عن عبد الحميد بن أيوب بن محمد بن عميلة قال:

  مات علَّفة بن عقيل الأكبر بالشام، فنعاه مضرّس بن سوادة لعقيل بأرض الجناب، فلم يصدّقه وقال:

  قبح الآله - ولا أقبّح غيره - ... ثفر⁣(⁣١) الحمار مضرّس بن سواد

  تنعى امرؤ لم يعل أمّك مثله ... كالسّيف بين خضارم⁣(⁣٢) أنجاد

  ثم تحقق الخبر بعد ذلك، فقال يرثيه:

  لعمري لقد جاءت قوافل خبّرت ... بأمر من الدنيا عليّ ثقيل

  وقالوا ألا تبكي لمصرع فارس ... نعته جنود الشام غير ضئيل

  فأقسمت لا أبكي على هلك هالك ... أصاب سبيل اللَّه خير سبيل

  [كأن المنايا تبتغي في خيارنا ... لها نسبا أو تهتدي بدليل⁣(⁣٣)]

  تحلّ المنايا حيث شاءت فإنها ... محلَّلة بعد الفتى ابن عقيل

  فتى كان مولاه يحلّ بربوة ... محلّ الموالي بعده بمسيل

  حطم رجل من بني صرمة بيوته فأقبل ابنه عملس من الشام فانتقم له

  أخبرني محمد بن الحسن بن دريد قال حدّثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة: قال: كان عقيل بن علَّفة قد أطرد بنية، فتفرقوا في البلاد، وبقي وحده. ثم إن رجلا من بني صرمة، يقال له بجيل - وكان كثير المال والماشية - حطم بيوت عقيل بماشيته، ولم يكن قبل ذلك أحد يقرب من بيوت عقيل إلا لقي شرا. فطردت صافنة (أمة له) الماشية، فضربها بجيل بعصا كانت معه فشجّها. فخرج إليه عقيل وحده - وقد هرم يومئذ وكبرت سنّه - فزجره فضربه / بجيل بعصاه، واحتقره، فجعل عقيل يصيح: يا علَّفة، يا عملَّس، يا فلان، يا فلان، بأسماء أولاده مستغيثا بهم، وهو يحسبهم لهرمه أنهم معه. فقال له أرطأة بن سهيّة:

  أكلت بنيك أكل الضبّ حتى ... وجدت مرارة الكلأ الوبيل

  ولو كان الألى غابوا شهودا ... منعت فناء بيتك من بجيل

  وبلغ خبر عقيل ابنه العملَّس وهو بالشام، فأقبل إلى أبيه حتى نزل إليه، ثم عمد إلى بجيل فضربه ضربا مبرّحا، وعقر عدّة من إبله وأوثقه بحبل، وجاء به يقوده حتى ألقاه بين يدي أبيه، ثم ركب راحلته، وعاد من وقته إلى الشام، لم يطعم لأبيه طعاما، ولم يشرب شرابا.


(١) الثفر: السير الذي في مؤخر السرج تحت ذنب الدابة.

(٢) خضارم، جمع خضرم: الجواد الكثير العطية.

(٣) هذا البيت لم يرد في ط وج.