كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

7 - أخبار العرجي ونسبه

صفحة 315 - الجزء 1

  الحول بعد الحول يتبعه⁣(⁣١) ... ما الدهر إلا الحول والشهر

  قال حمّاد بن إسحاق في خبره: حدّثني ابن⁣(⁣٢) أبي الحويرث الثّقفيّ عن ابن عمّ لعمارة ابن حمزة قال حدّثنا سليمان الخشّاب⁣(⁣٣) عن داود المكَّيّ⁣(⁣٤) قال: كنّا في حلقة ابن جريج وهو يحدّثنا وعنده جماعة فيهم عبد اللَّه بن المبارك وعدّة من العراقيّين، إذ مرّ به ابن تيزن⁣(⁣٥) المغنّي وقد ائتزر بمئزر على صدره، وهي إزرة الشّطَّار⁣(⁣٦) عندنا، فدعاه ابن جريج / فقال له: أحبّ أن تسمعني. قال: إنّي⁣(⁣٧) مستعجل، فألحّ عليه؛ فقال: امرأته طالق إن غنّاك أكثر من ثلاثة أصوات. فقال له: ويحك! ما أعجلك إلى اليمين! غنّني الصوت الذي غنّاه ابن سريج في اليوم الثاني من أيام منى على جمرة العقبة⁣(⁣٨) فقطع طريق الذاهب والجائي حتى تكسّرت المحامل. فغنّاه:

  عوجي عليّ فسلَّمي جبر

  فقال له ابن جريج: أحسنت واللَّه! (ثلاث مرات)، ويحك! أعده. قال: من الثلاثة فإني قد حلفت. قال:

  أعده، فأعاده. فقال: أحسنت! فأعده من الثلاثة، فأعاده وقام ومضى، وقال: لولا مكان هؤلاء الثّقلاء عندك لأطلت معك حتى تقضي وطرك. فالتفت ابن جريج إلى أصحابه فقال: لعلَّكم أنكرتم ما فعلت! فقالوا: إنا لننكره عندنا بالعراق ونكرهه. قال: فما تقولون في الرّجر؟ (يعني الحداء). قالوا: لا بأس به عندنا: قال: فما الفرق بينه وبين الغناء؟!

  اضطغان محمد بن هشام على العرجي من هذه الأشعار وحبسه حتى مات في الحبس

  قال إسحاق في خبره: بلغني أنّ محمد بن هشام كان يقول لأمّه جيداء [بنت عفيف]⁣(⁣٩): أنت غضضت منّي بأنك أمّي، وأهلكتني وقتلتني. فتقول له: ويحك! وكيف ذاك؟ قال: لو كانت أمّي من قريش ما ولي الخلافة غيري. قالوا: فلم يزل محمد بن هشام مضطغنا على العرجيّ من⁣(⁣١٠) هذه الأشعار التي يقولها فيه ومتطلَّبا⁣(⁣١١) سبيلا عليه حتى وجده فيه، فأخذه وقيّده وضربه وأقامه للناس، ثم حبسه وأقسم: لا يخرج من الحبس ما دام لي⁣(⁣١٢)


(١) في ت: «يجمعنا».

(٢) في ت: «ابن الحويرث» بدون أبي.

(٣) في ت، ح: «سليم الخشاب».

(٤) في ت، س: «الثقفي».

(٥) انظر الحاشية رقم ٢ ص ٢٨٣ من هذا الجزء.

(٦) في «القاموس» و «شرحه»: الشاطر: من أعيا أهله خبثا. قال أبو إسحاق: فلان شاطر معناه أنه أخذ في نحو غير الاستواء؛ ولذلك قيل له شاطر لأنه تباعد عن الاستواء. والمراد من الشطار هنا طائفة من أهل الدعارة كانوا يمتازون بملابس خاصة وزي خاص. ففي «أخبار أبي نواس» ج ١ ص ٢٣٥ طبع مصر ما نصه: «زي الشطار طرّة مصففة وكان واسعان وذيل مجرور وفعل مطبق». وتختلف أسماؤهم باختلاف البلاد؛ ففي «رحلة ابن بطوطة» ج ١ ص ٢٣٥ طبع مصر: «الشطار بمعنى الفتاك من اصطلاح العراقيين، ويعرفون في خراسان بسر ابداران وفي المغرب بالصقورة». وذكر تفشيهم في أيامه واجتماعهم على قطع الطرق. وفي «نفح الطيب» ج ٢ ص ٧٦٦ طبع بولاق: «ولشطار الأندلس من النوادر والتنكيت والتركيبات وأنواع المضحكات ما تملأ الدواوين كثرته» أه.

(٧) كذا في ت، ح. وفي سائر النسخ: «أنا».

(٨) في ت: «فغنى فقطع ...».

(٩) زيادة في ت.

(١٠) في ت: «مضطغنا على العرجيّ هذه الأشعار» بدون من.

(١١) كذا في ت. وفي سائر النسخ: «متطلبا» بغير واو.

(١٢) كذا في ت، ح. وفي سائر النسخ: «ما دام له».