كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار شبيب بن البرصاء ونسبه

صفحة 466 - الجزء 12

  الحمالة⁣(⁣١)، فحملها محمد بن مروان كلَّها عن الفريقين، ثم تمثل بقول شبيب بن البرصاء:

  ولقد وقفت النفس عن حاجاتها ... والنّفس حاضرة الشّعاع تطلَّع⁣(⁣٢)

  وغرمت في الحسب الرفيع غرامة ... يعيا بها الحصر الشّحيح ويظلع⁣(⁣٣)

  إنيّ فتى حرّ لقدري عارف ... أعطي به وعليه ممّا أمنع

  نزل هو وأرطاة بن زفر وعويف القوافي على رجل من أشجع فلم يكرم ضيافتهم فهجوه

  أخبرني محمد بن خلف وكيع قال حدّثنا إسحاق بن محمد النّخعي قال. حدّثني الحرمازيّ قال:

  نزل شبيب بن البرصاء وأرطاة بن زفر وعويف القوافي برجل من أشجع كثير المال يسمّى علقمة، فأتاهم بشربة لبن ممذوقة⁣(⁣٤) ولم يذبح لهم، فلما رأوا ذلك منه قاموا إلى رواحلهم فركبوها ثم قالوا: تعالوا حتى نهجو هذا الكلب. فقال شبيب:

  أفي حدثان الدهر أم في قديمه ... تعلَّمت ألَّا تقري الضيف علقما؟⁣(⁣٥)

  / وقال أرطاة:

  لبثنا طويلا ثم جاء بمذقة ... كماء السّلا في جانب القعب أثلما⁣(⁣٦)

  وقال عويف:

  فلما رأينا أنه شرّ منزل ... رمينا بهنّ الليل حتى تخرّما⁣(⁣٧)

  عاد من سفر فعلم بموت جماعة من بني عمه فرثاهم

  أخبرني هاشم بن محمد الخزاعيّ قال: حدّثنا عيسى بن إسماعيل عن القحذميّ قال:

  غاب شبيب بن البرصاء عن أهله غيبة، ثم عاد بعد مدّة، وقد مات جماعة من بني عمّه، فقال شبيب يرثيهم:

  تخرّم الدهر إخواني وغادرني ... كما يغادر ثور الطارد الفئد⁣(⁣٨)

  إني لباق قليلا ثم تابعهم ... ووارد منهل القوم الذي وردوا


(١) الحمالة: الدية يحملها قوم عن قوم.

(٢) نفس شعاع: متفرقة قد تفرقت هممها، قال قيس بن ذريح:

فلم ألفظك من شبع ولكن ... أقضي حاجة النفس الشعاع

(٣) الحصر: البخيل، وظلع كمنع: غمز في مشيه، وهو شبيه بالعرج.

(٤) ممذوقة: مخلوطة بالماء.

(٥) حدثان: مصدر حدث، وهو هنا بمعنى حديث، وفي المعجمات: «وأما حدثان الأمر (أي أوّله وابتداؤه) فبكسر الحاء وسكون الدال» وهنا موضعه، لكن يمنع منه وزن البيت.

(٦) السلا: الجلدة الرقيقة فيها الولد من الناس والمواشي، إن تنزع عن وجه الولد قتلته. والقعب: القدح يروي الرجل، وثلم الإناء كفرح: صارت فيه ثلمة فهو أثلم.

(٧) تخرم: استؤصل وانقضى.

(٨) الفئد: الذي يشكو فؤاده.