كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار شبيب بن البرصاء ونسبه

صفحة 467 - الجزء 12

  هاجى رجلا من غنى فأعانه أرطاة بن سهية عليه

  قال أبو عمر: هاجى شبيب بن البرصاء رجلا من غنيّ، أو قال من باهلة، فأعانه أرطأة بن سهيّة على شبيب، فقال شبيب:

  لعمري لئن كانت سهيّة أوضعت ... بأرطاة في ركب الخيانة والغدر⁣(⁣١)

  فما كان بالطَّرف العتيق فيشترى ... لفحلته، ولا الجواد إذا يجري⁣(⁣٢)

  أتنصر منى مشعرا لست منهم ... وغيرك أولى بالحياطة والنصر!

  ويروي: «وقد كنت أولى بالحياطة» وهو أجود.

  استعدى عليه رهط أرطاة عثمان بن حيان لهجائه إياهم فهدّده ابن حيان بقطع لسانه

  وقال أبو عمرو: استعدى رهط أرطاة بن سهيّة على شبيب بن البرصاء إلى عثمان بن حيّان المرّي وقالوا له:

  يعمّنا بالهجاء ويشتم أعراضنا، فأمر بإشخاصة إليه / فأشخص، ودخل إلى عثمان وقد أتى بثلاثة نفر لصوص قد أفسدوا في الأرض يقال لهم بهدل ومثغور وهيصم، فقتل بهدلا وصلبه، وقطع مثغورا والهيصم، ثم أقبل على شبيب فقال: كم تسبّ أعراض قومك وتستطيل عليهم! أقسم قسما حقا لئن عاودت هجاءهم لأقطعنّ لسانك، فقال شبيب:

  سجنت لساني يا بن حيّان بعدما ... تولَّى شبابي، إنّ عقدك محكم

  وعيدك أبقى من لساني قذاذة⁣(⁣٣) ... هيوبا، وصمتا بعد لا يتكلم.

  / رأيتك تحلو لي إذا شئت لأمرئ ... ومرّا مرارا فيه صاب وعلقم⁣(⁣٤)

  وكلّ طريد هالك متحيّر ... كما هلك الحيران والليل مظلم

  أصبت رجالا بالذنوب فأصبحوا ... كما كان مثغور عليك وهيصم

  خطاطيفك اللاتي تخطَّفن بهدلا ... فأوفى به الأشراف جذع مقوّم⁣(⁣٥)

  يداك يدا خير وشرّ فمنهما ... تضرّ وللأخرى نوال وأنعم

  ذهب دعيج بن سيف ببابله فخرج في طلبها فرماه دعج فأصاب عينه

  وقال أبو عمرو: استاق دعيج بن سيف⁣(⁣٦) بن جذيمة بن وهب الطائيّ ثم الجرميّ إبل شبيب بن البرصاء فذهب بها، وخرج بنو البرصاء في الطلب، فلما واجهوا بني جرم قال شبيب: اغتنموا بنى جرم، فقال أصحابه: لسنا


(١) أوضعت: أسرعت.

(٢) الطرف: الفرس الكريم الأطراف، أي الآباء والأمهات.

(٣) القذاذة من كل شيء: ما قطع منه.

(٤) احلولي: حلا. المرار: شجر مرّ.

(٥) أشراف الإنسان: أعلاه.

(٦) في الأصول: «شبيب» تحريف.