أخبار شبيب بن البرصاء ونسبه
  هاجى رجلا من غنى فأعانه أرطاة بن سهية عليه
  قال أبو عمر: هاجى شبيب بن البرصاء رجلا من غنيّ، أو قال من باهلة، فأعانه أرطأة بن سهيّة على شبيب، فقال شبيب:
  لعمري لئن كانت سهيّة أوضعت ... بأرطاة في ركب الخيانة والغدر(١)
  فما كان بالطَّرف العتيق فيشترى ... لفحلته، ولا الجواد إذا يجري(٢)
  أتنصر منى مشعرا لست منهم ... وغيرك أولى بالحياطة والنصر!
  ويروي: «وقد كنت أولى بالحياطة» وهو أجود.
  استعدى عليه رهط أرطاة عثمان بن حيان لهجائه إياهم فهدّده ابن حيان بقطع لسانه
  وقال أبو عمرو: استعدى رهط أرطاة بن سهيّة على شبيب بن البرصاء إلى عثمان بن حيّان المرّي وقالوا له:
  يعمّنا بالهجاء ويشتم أعراضنا، فأمر بإشخاصة إليه / فأشخص، ودخل إلى عثمان وقد أتى بثلاثة نفر لصوص قد أفسدوا في الأرض يقال لهم بهدل ومثغور وهيصم، فقتل بهدلا وصلبه، وقطع مثغورا والهيصم، ثم أقبل على شبيب فقال: كم تسبّ أعراض قومك وتستطيل عليهم! أقسم قسما حقا لئن عاودت هجاءهم لأقطعنّ لسانك، فقال شبيب:
  سجنت لساني يا بن حيّان بعدما ... تولَّى شبابي، إنّ عقدك محكم
  وعيدك أبقى من لساني قذاذة(٣) ... هيوبا، وصمتا بعد لا يتكلم.
  / رأيتك تحلو لي إذا شئت لأمرئ ... ومرّا مرارا فيه صاب وعلقم(٤)
  وكلّ طريد هالك متحيّر ... كما هلك الحيران والليل مظلم
  أصبت رجالا بالذنوب فأصبحوا ... كما كان مثغور عليك وهيصم
  خطاطيفك اللاتي تخطَّفن بهدلا ... فأوفى به الأشراف جذع مقوّم(٥)
  يداك يدا خير وشرّ فمنهما ... تضرّ وللأخرى نوال وأنعم
  ذهب دعيج بن سيف ببابله فخرج في طلبها فرماه دعج فأصاب عينه
  وقال أبو عمرو: استاق دعيج بن سيف(٦) بن جذيمة بن وهب الطائيّ ثم الجرميّ إبل شبيب بن البرصاء فذهب بها، وخرج بنو البرصاء في الطلب، فلما واجهوا بني جرم قال شبيب: اغتنموا بنى جرم، فقال أصحابه: لسنا
(١) أوضعت: أسرعت.
(٢) الطرف: الفرس الكريم الأطراف، أي الآباء والأمهات.
(٣) القذاذة من كل شيء: ما قطع منه.
(٤) احلولي: حلا. المرار: شجر مرّ.
(٥) أشراف الإنسان: أعلاه.
(٦) في الأصول: «شبيب» تحريف.