كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار أبي الطمحان القيني

صفحة 5 - الجزء 13

  

١ - أخبار أبي الطَّمحان القينيّ

  اسمه ونسبه

  أبو الطَّمحان اسمه حنظلة بن الشّرقيّ⁣(⁣١)، أحد بني القين بن جسر بن شيع اللَّه، من قضاعة. وقد تقدّم هذا النسب في عدّة مواضع من الكتاب في أنساب شعرائهم.

  إدراكه الجاهلية والإسلام واتصالة بالزبير بن عبد المطلب

  وكان أبو الطَّمحان شاعرا فارسا خاربا⁣(⁣٢) صعلوكا. وهو من المخضرمين، أدرك الجاهلية والإسلام، فكان خبيث الدّين فيهما كما يذكر. وكان تربا للزّبير بن عبد المطَّلب في الجاهلية ونديما له. أخبرنا بذلك أبو الحسن الأسديّ عن الرّياشيّ عن أبي عبيدة.

  وقوع قيسبة السكوني في أسر العقيليين وحمل أبي الطمحان خيره إلى قومه

  ومما يدلّ على أنه قد أدرك الجاهلية ما ذكره ابن الكلبيّ عن أبيه قال: خرج قيسبة بن كلثوم السّكونيّ، وكان ملكا، يريد الحج - وكانت العرب تحج في الجاهلية فلا يعر⁣(⁣٣)، بعضها لبعض - فمرّ ببني عامر بن عقيل، فوثبوا عليه فأسروه وأخذوا / ماله وما كان معه، وألقوه في القدّ⁣(⁣٩)، فمكث فيه ثلاث سنين، وشاع باليمن أن الجنّ استطارته⁣(⁣٤). فبينا هو في يوم شديد البرد في بيت عجوز منهم إذ قال لها: أتأذنين / لي أن آتي الأكمة فأتشرّق⁣(⁣٥) عليها فقد أضرّ بي القرّ⁣(⁣٦)؟! فقالت له نعم. كانت عليه جبة له حبرة⁣(⁣٧) لم يترك عليه غيرها، فتمشّى في أغلاله


(١) قال الآمدي في «المؤتلف والمختلف في أسماء الشعراء»: «أبو الطمحان القيني اسمه حنظلة بن الشرقي، كذا وجدته في» كتاب بني القين بن جسر. ووجدت نسبه في» ديوانه المفرد «: أبو الطمحان ربيعة بن عوف بن غنم بن كنانة بن القين بن جسر». وفي «الحماسة» طبع أوروبا ص ٥٥٨: «واسمه حنظلة بن الشرقي وقيل ربيعة بن عوف بن غنم بن كنانة بن جسر».

(٢) الخارب: سارق الإبل خاصة، ثم نقل إلى غيره اتساعا. قال الجوهري: خرب فلان بإبل فلان ويخرب خرابة مثل كتب يكتب كتابة، أي سرقها، وخرب فلان: صار لصا.

(٣) القد: سير يقد من جلد غير مدبوغ، فتشدّ به الأقتاب والمحامل، ويتخذ منه السوط، ويقيد به الأسير. قال يزيد بن الصعق يعيب بعض بني أسد:

فرغتم لتمرين السياط وكنتم ... يصب عليكم بالقناكل مربع

فأجابه شاعرهم:

أعبتم علينا أن نمرّن قدّنا ... ومن لم يمرّن قدّه يتقطع

(٤) استطارته الجن: ذهبت به. وفي حديث ابن مسعود: «فقدنا رسول اللَّه فقلنا: أغتيل أو استطير»، أي ذهب به بسرعة، كأن الطير حملته أو اغتاله أحد.

(٥) تشرق: جلس بالمشرقة، وهو موضع القعود للشمس، والموضع الَّذي تشرق عليه الشمس.

(٦) القرّ، بالضم: البرد، أو هو برد الشتاء خاصة؛ سمي بذلك من الاستقرار والسكون كأنه يسكن الحرّ ويطفئه.

(٧) في «مختار الأغاني الكبير» (نسخة مأخوذة بالتصوير الشمسي ومحفوظة بدار الكتب المصرية تحت رقم ٤٦٤٦ أدب): «جبة من حبرة».