أخبار العجير السلولي ونسبه
  سليمان بن عبد الملك يعجب بشعر العجير ويأمر له بثلاثين ألفا ردها على قومه ووهبها لهم
  أخبرني عمّي وحبيب بن نصر المهلبيّ قالا: حدّثنا عبد اللَّه بن أبي سعد قال: حدّثني الحكم بن موسى بن الحسين السلولي قال: حدّثني أبي عن عمه قال: عرض العجير لسليمان بن عبد اللَّه وهو في الطواف، وعلى العجير بردان يساويان مائة وخمسين دينارا، فانقطع شسع(١) نعله فأخذها بيده، ثم هتف بسليمان فقال:
  ودلَّيت دلوي في دلاء كثيرة ... إليك فكان الماء ريّان معلما(٢)
  / فوقف سليمان ثم قال: للَّه درّه ما أفصحه، واللَّه ما رضي أن قال ريان حتى قال معلما، واللَّه إنه ليخيّل إليّ أنه العجير، وما رأيته قط إلا عند عبد الملك. فقيل له: هو العجير. فأرسل إليه: أن صر إلينا إذا حللنا. فصار إليه، فأمر له بثلاثين ألفا وبصدقات قومه، فردّها العجير عليهم ووهبها لهم.
  رثاء العجير لابن عمه
  أخبرني الحرمي بن أبي العلاء قال: حدّثني هارون بن موسى الفروي(٣) قال: كان ابن عم للعجير السّلولي إذا سمع بأضياف عند العجير لم يدعهم حتى يأتي بجزور كوماء(٤)، فيطعن في لبّتها عند بيته، فيبيتون في شواء وقدير(٥)، ثم مات، فقال العجير يرثيه:
  تركنا أبا الأضياف في ليلة الصّبا ... بمرّ ومردي كل خصم يجادله(٦)
  وأرعيه سمعي كلَّما ذكر الأسى ... وفي الصّدر مني لوعة ما تزايله
  وكنت أعير الدّمع قبلك من بكى ... فأنت على من مات بعدك شاغله
  هكذا ذكر هارون بن موسى في هذا الخبر، والبيت الثالث من هذه الأبيات للشّمردل بن شريك لا يشّكّ فيه، من قصيدة له طويلة. فيه غناء قد ذكرته في أخباره.
  صوت
  فتاة كأن رضاب العبير ... بفيها يعلّ(٧) به الزنجبيل
  قتلت أباها على حبّها ... فتبخل إن بخلت أو تنيل
  الشعر لخزيمة بن نهد، والغناء لطويس. خفيف رمل بالبنصر عن يحيى المكيّ.
(١) الشسع: قبال النعل، والقيال ككتاب: زمام بين الإصبع الوسطى والَّتي تليها.
(٢) الريان: الكثير. المعلم: ما فيه علامة، أراد أنه مشهور معروف.
(٣) الفروي: نسبة إلى جد له يقال له «أبو فروة».
(٤) الكوماء: الناقة العظيمة السنام.
(٥) القدير: ما يطبخ في القدر.
(٦) مر، بفتح الميم: ماءة لبني أسد مات بها جابر بن زيد، وهو ابن عم العجير. انظر «معجم البلدان» (مر) حيث أنشد المرثية. وفي بعض الأصول: «بصر» تحريف. ومردى الخصومة والحرب: الصبور عليهما.
(٧) يعل به: يخلط.