كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار خزيمة بن نهد ونسبه

صفحة 55 - الجزء 13

  فلما قال هذين البيتين تثاور الحيّان فاقتتلوا وصاروا أحزابا، فكانت نزار بن معد وهي يومئذ تنتسب فتقول كندة بن جنادة بن معد. وحاء وهم يومئذ ينتمون فيقولون حاء بن عمرو بن أدّ بن أدد. وكانت قضاعة تنتسب إلى معد، وعك يومئذ تنتمي إلى عدنان فتقول: عك عدنان بن أدّ، والأشعريون ينتمون إلى الأشعر بن أدد. وكانوا يتبّدون⁣(⁣١) من تهامة إلى الشأم، وكانت منازلهم بالصّفّاح، وكان مرّ وعسفان لربيعة بن نزار، وكانت قضاعة بين مكة والطائف، وكانت كندة تسكن من الغمر إلى ذات عرق، فهو إلى اليوم يسمى غمر كندة. وإياه يعني عمر بن أبي ربيعة بقوله:

  /

  إذا سلكت غمر ذي كندة ... مع الصبح قصد لها الفرقد⁣(⁣٢)

  هنالك إما تعزى الهوى ... وإما على إثرهم تكمد⁣(⁣٣)

  وكانت منازل حاء بن عمرو بن أدد، والأشعر بن أدد، وعكّ بن عدنان بن أدد، فيما بين جدّة إلى البحر.

  القارظان

  قال: فيذكر بن عنزة أحد القارظين⁣(⁣٤) اللذين قال فيهما الهذلي:

  /

  وحتّى يؤوب القارظان كلاهما ... وينشر في القتلى كليب لوائل

  والآخر من عنزة، يقال له أبو رهم، خرج يجمع القرظ فلم يرجع ولم يعرف له خبر.

  انهزام قضاعة وقتل خزيمة بن نهد

  قال: فلما ظهرت نزار⁣(⁣٥) على أن خزيمة بن نهد قتل يذكر بن عنزة قاتلوا قضاعة أشدّ قتال، فهزمت قضاعة وقتل خزيمة بن نهد وخرجت قضاعة متفرقين، فسارت تيم الَّلات بن أسد بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة، وفرقة من بني رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة، وفرقة من الأشعريين، نحو البحرين حتى وردوا هجر، وبها يومئذ قوم من النبط، فنزلت عليهم هذه البطون فأجلتهم، فقال في ذلك مالك بن زهير:

  نزعنا من تهامة أيّ حيّ ... فلم تحفل بذاك بنو نزار

  ولم أك من أنيسكم ولكن ... شرينا دار آنسة بدار

  الزرقاء بنت زهير تتحدّث بقول الكهان في الرحيل والنزول بأرض عبقر

  / فلما نزلوا هجر قالوا للزرقاء بنت زهير - وكانت كاهنة - ما تقولين يا زرقاء؟ قالت: «سعف⁣(⁣٦) وإهان، وتمر وألبان، خير من الهوان». ثم أنشأت تقول:

  ودّع تهامة لا وداع مخالق ... بذمامه لكن قلى وملام⁣(⁣٧)

  لا تنكري هجرا مقام غريبة ... لن تعدمي من ظاعنين تهام⁣(⁣٨)


(١) يتبدون: ينزلون البادية.

(٢) وفي «ديوان عمر بن أبي ربيعة» طبع أوروبا «قصد» بالرفع، وفي «معجم البلدان» بالنصب.

(٣) في «معجم البلدان» و «ديوان عمر بن أبي ربيعة»: «الفؤاد» بدل «الهوى».

(٤) القرظ محركة: ورق السلم أو ثمر السنط. والقارظ: مجتنبه.

(٥) ظهر على الشيء: عرفه.

(٦) الإهان: العرجون.

(٧) المخالق: الَّذي يعاشر الناس على أخلاقهم.

(٨) لا تكرهي المقام الجديد الغريب في هجر فستجدين معك مسافرين من تهامة.