كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار منصور النمري ونسبه

صفحة 98 - الجزء 13

  حجازي، أفتراه يكون أشعر مني، ودخله من ذلك ما يدخل مثله من الغمّ والحسد، واستنشد الرشيد منصورا، فأنشده:

  أمير المؤمنين إليك خضنا ... غمار الهول من بلد شطير⁣(⁣١)

  بخوص كالأهلة خافقات ... تلين على السّرى وعلى الهجير⁣(⁣٢)

  / حملن إليك أحمالا ثقالا ... ومثل الصخر والدر النثير⁣(⁣٣)

  فقد وقف المديح بمنتهاه ... وغايته وصار إلى المصير

  إلى من لا يشير إلى سواه ... إذا ذكر النّدى كفّ المشير

  فقال مروان: وددت واللَّه أنّه أخذ جائزتي وسكت.

  وذكر في القصيدة يحيى بن عبد اللَّه بن حسن فقال:

  يذلَّل من رقاب بني علي ... ومن ليس بالمنّ الصغير

  / مننت على ابن عبد اللَّه يحيى ... وكان من الحتوف على شفير⁣(⁣٤)

  مروان ينشد الرشيد

  قال مروان: فما برحت حتى أمرني هارون أمير المؤمنين أن أنشده، وكان يتبسم في وقت ما كان ينشده النمريّ، ويأخذ على بطنه، وينظر إلى ما قال، فأنشدته:

  موسى وهارون هما اللذان ... في كتب الأخبار يوجدان

  من ولد المهدى مهديّان ... قدّا عنانين على عنان⁣(⁣٥)

  قد أطلق المهديّ لي لساني ... وشدّ أزري ما به حباني

  من اللَّجين ومن العقيان ... عيديّة شاحطة الأثمان⁣(⁣٦)

  لو خايلت دجلة بالألبان⁣(⁣٧) ... إذا لقيل اشتبه النهران

  النمري لا يحتفل بقول مروان

  قال: فو اللَّه ما عاج⁣(⁣٨) النمريّ بذلك ولا احتفل به، فأومأ إليّ هارون أن زده؛ فأنشدته قصيدتي الَّتي أقول فيها:

  خلَّوا الطريق لمعشر عاداتهم ... حطم المناكب كل يوم زحام


(١) الشطير: البعيد.

(٢) الخوص: جمع خوصاء، الناقة لما في عينها من غؤور وصغر، وفي س: «نخوض» بالنون في أوله والضاد المعجمة في آخره، وهو تحريف.

(٣) أراد شعرا جزلا هو الغاية في النفاسة. وفي الأصول: «الصخرة الذر». وقد عابه مروان لهذا التعبير الَّذي لم يوفق فيه.

(٤) شفير كل شيء: حرفه.

(٥) قدا: قيسا وعملا. والعنان بكسر العين هو السير يشد به اللجام. والمعنى أنهما يشبهان المهدي في صفاته.

(٦) العيدية: ضرب من نجائب الإبل. وفي الأصول: «عيدته». وشاحط من قولهم شحط فلان في السوم، إذا بلغ أقصى ثمنه. وفي الأصول: «ساخطة الإيمان».

(٧) خايلت: فاخرت وبارت. وفي الأصول: «لو حايلت».

(٨) عاج: انعطف واهتم بالأمر.