أخبار الحارث بن الطفيل ونسبه
١٧ - أخبار الحارث بن الطفيل ونسبه
  هو الحارث بن الطفيل بن عمرو بن عبد اللَّه بن مالك بن فهم بن غنم بن دوس بن عبد اللَّه بن عدثان بن عبيد اللَّه بن زهران بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبد اللَّه بن مالك بن نصر بن الأزد، شاعر فارس، من مخضرمي شعراء الجاهلية والإسلام، وأبوه الطفيل بن عمرو شاعر أيضا، وهو أوّل من وفد من دوس على النبي ﷺ، فأسلم وعاد إلى قومه، فدعاهم إلى الإسلام.
  وفود الطفيل على رسول اللَّه ﷺ
  أخبرني عمي قال: حدّثنا الحزنبل بن عمرو بن أبي عمرو عن أبيه، واللفظ في الخبر له، واللَّه أعلم.
  وأخبرني به محمّد بن الحسن بن دريد قال: حدّثني عمي عن العباس بن هشام عن أبيه:
  إنّ الطفيل بن عمرو بن عبد اللَّه بن مالك الدوسيّ خرج حتى أتى مكة حاجّا، وقد بعث رسول اللَّه ﷺ وهاجر إلى المدينة، وكان رجلا يعصو - والعاصي البصير بالجراح، ولذلك يقال لولده: بنو العاصي - فأرسلته قريش إلى النبي ﷺ وقالوا: انظر لنا ما هذا الرجل، وما عنده؟ فأتى النبيّ ﷺ فعرض عليه الإسلام، فقال له: إنّي رجل شاعر، فاسمع ما أقول. فقال له النبي ﷺ: هات. فقال:
  لا وإله الناس نألم حربهم ... ولو حاربتنا منهب وبنو فهم
  ولمّا يكن يوم تزول نجومه ... تطير به الرّكبان ذو نبأ ضخم(١)
  / أسلما على خسف ولست بخالد ... ومالي من واق إذا جاءني حتمي
  فلا سلم حتّى تحفز الناس خيفة ... ويصبح طير كانسات على لحم(٢)
  فقال له رسول اللَّه ﷺ: وأنا أقول فاستمع، ثم قال: أعوذ باللَّه من الشيطان الرجيم، بِسْمِ أللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ {قُلْ هُوَ أللهُ أَحَدٌ ١ أللهُ الصَّمَدُ ٢ لَمْ يَلِدْ ولَمْ يُولَدْ ٣ ولَمْ يَكُنْ لَه ُ كُفُواً أَحَدٌ ٤}. ثم قرأ: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}، ودعاه إلى الإسلام فأسلم، وعاد إلى قومه، فأتاهم في ليلة مطيرة ظلماء، حتى نزل بروق، وهي قرية عظيمة لدوس فيها منبر، فلم يبصر أين يسلك، فأضاء له نور في طرف سوطه، فبهر الناس ذلك النور، وقالوا: نار أحدثت على القدوم ثم على بروق / لا تطفأ. فعلقوا يأخذون بسوطه فيخرج النور من بين أصابعهم، فدعا أبويه إلى الإسلام فأسلم أبوه ولم تسلم أمّة، ودعا قومه فلم يجبه إلا أبو هريرة، وكان هو وأهله في جبل يقال له ذو رمع(٣)، فلقيه بطريق يزحزح، وبلغنا أنه كان يزخف في العقبة من الظلمة ويقول:
  يا طولها من ليلة وعناءها ... على أنها من بلدة الكفر نجّت
(١) ح: «تطير نجومه».
(٢) كانسات: مقيمات.
(٣) في س، ش: «ذو رمعا». وفي ح: «ذو منعا»، صوابه ما أثبتنا. قال ياقوت: «موضع باليمن».