أخبار عبد الصمد بن المعذل ونسبه
  شتموا له عرضا أغرّ مهذّبا ... أعراضهم أولى بكلّ هوان
  وسموا بأجسام إليه مهينة ... وصلت بألأم أذرع وبنان
  خلقت لمدّ القلس لا لتناول ... عرض الشّريف ولا لمدّ عنان(١)
  لم يحفظوا قرباه منك فينتهوا ... إذ لم يهابوا حرمة السّلطان
  / أيذلّ مظلوما وجدّك جده ... كيما يعزّ بذلَّه علجان
  وينال أقلف، كربلاء بلاده، ... ذلّ ابن عمّ خليفة الرحمن(٢)
  إني أعيذك أن تنال بك الَّتي ... تطغى العلوج بها على عدنان
  فدعا عليّ بن عيسى حسينا، فضمّه إليه، فقال: انصرف مع مشايخك. ودعا بهشام الكرنباني وابنيه، فعذلهم(٣) في أمره، ثمّ أصلح بينهم بعد ذلك.
  عتبه لعبد اللَّه بن المسيب
  أخبرني عليّ بن سليمان، قال: حدّثنا محمّد بن يزيد، قال: كان عبد الصمد بن المعذّل يعاشر عبد اللَّه بن المسيّب ويألفه، فبلغه أنّه اغتابه يوما وهو سكران، وعاب شيئا أنشده من شعره، فقال فيه وكتب بها إليه:
  عتبي عليك مقارن العذر ... قد زال عند حفيظتي صبري(٤)
  لك شافع منّى إليّ فما ... يقضي عليك بهفوة فكري
  لمّا أتاني ما نطقت به ... في السّكر قلت جناية السكر
  حاشا لعبد اللَّه يذكرني ... مستعذبا بنقيصتي ذكري
  إن عاب شعري أو تحيّفه ... فليهنه ما عاب من شعري
  يا ابن المسيب قد سبقت بما ... أصبحت مرتهنا به شكري
  فمتى خمرت فأنت في سعة ... ومتى هفوت فأنت في عذر
  ترك العتاب إذا استحقّ أخ ... منك العتاب ذريعة الهجر
  هجاؤه لشروين المغني
  أخبرني الأخفش، قال: حدّثنا المبرّد، قال:
  دعا عبد الصمد بن المعدّل شروين المغنّي، وكان محسنا متقدّما في صناعته، فتعالل عليه ومضى إلى غيره، فقال عبد الصّمد: واللَّه لأسمنّه ميسما لا يدعوه بعده أحد بالبصرة إلَّا بعد أن يبذل عرضه وحريمه. فقال فيه:
  من حلّ شروين له منزلا ... فلتنهه الأولى عن الثانية
  فليس يدعوه إلى بيته ... إلا فتى في بيته زانيه
  فتحاماه أهل البصرة حتى اضطَّر إلى أن خرج إلى بغداد وسرّ من رأى.
(١) القلس: الحبل الضخم من ليف أو خوص أو غيرهما. عنى أنهم ملاحون ضعاف الشأن.
(٢) الأقلف: الَّذي لم يختن.
(٣) عذلهم: لامهم.
(٤) في ح: «قد زاد عنك حفيظتي نصري».