أخبار عبد الرحمن ونسبه
  ولده ثلاثين - أو قال: أربعين - ملكوا الأمر بعدي. فو اللَّه لقد تلقّاها مروان من عين صافية. فقال له الأحنف: لا يسمعنّ هذا أحد منك، فإنّك تضع من قدرك وقدر ولدك بعدك، وإن يقض اللَّه ø أمرا يكن. فقال له معاوية:
  فاكتمها عليّ يا أبا بحر إذا، فقد لعمري صدقت ونصحت.
  أخبرني إسماعيل بن يونس الشيعي قال، حدّثنا عمر بن شبة قال: حدّثني يعقوب بن القاسم الطَّلحي قال:
  حدّثني ثمال عن أيوب بن درباس بن دجاجة قال:
  / شخص مروان بن الحكم ومعه أخوه عبد الرحمن، إلى معاوية، ثم ذكر نحوا من الحديث الأول، ولم يذكر فيه مخاطبة معاوية في أمرهم للأحنف، وزاد فيه: فقال عبد الرحمن في ذلك:
  أتقطر آفاق السماء له دما ... إذا قيل هذا الطَّرف أجرد سابح(١)
  فحتّى متى لا نرفع الطَّرف ذلة ... وحتّى متى تعيا عليك المنادح(٢)
  بكاء عبد الرحمن حين رأى رأس الحسين وما قال في ذلك
  أخبرني عمي قال: حدّثنا عبد اللَّه بن أبي سعيد قال: حدّثنا عليّ بن الصباح عن ابن الكلبيّ عن أبيه، قال:
  كان عبد الرحمن بن الحكم بن أبي العاصي عند يزيد بن معاوية، وقد بعث إليه عبيد اللَّه بن زياد برأس الحسين بن عليّ @ فلما وضع بين يدي يزيد في الطَّشت بكى عبد الرحمن ثم قال:
  أبلغ أمير المؤمنين فلا تكن ... كموتر أقواس وليس لها نبل(٣)
  لهام بجنب الطَّفّ أدنى قرابة ... من ابن زياد الوغد ذي الحسب الرذل(٤)
  سميّة أمسى نسلها عدد الحصى ... وبنت رسول اللَّه ليس لها نسل
  / فصاح به يزيد: اسكت يا ابن الحمقاء، وما أنت وهذا؟!
  بكاء ابن عباس لما حدث بين الأمويين والعباسيين
  أخبرني إسماعيل بن يونس الشيعي قال: حدّثنا عمر بن شبّة قال: حدّثني هارون بن معروف قال: حدّثنا بشر بن السري قال: حدّثنا عمر بن سعيد عن أبي مليكة قال: رأيتهم - يعني بني أميّة - يتتايعون(٥) نحو ابن عبّاس حين نفى ابن الزبير بني أمية عن الحجاز، فذهبت معهم وأنا غلام، فلقينا رجلا خارجا من عنده، فدخلنا عليه، فقال له عبيد بن عمير، مالي أراك تذرف عيناك؟ فقال له: إن هذا - يعني عبد الرحمن بن الحكم - قال بيتا أبكاني، وهو:
  وما كنت أخشى أن ترى الذلّ نسوتي ... وعبد مناف لم تغلها الغوائل
  فذكر قرابة بيننا وبين بني عمّنا بني أمية، وإنّا إنّما كنّا أهل بيت واحد في الجاهلية، حتّى جاء الإسلام فدخل الشيطان بيننا أيّما دخل.
(١) الطرف بالكسر: الكريم من الخيل كرم طرفاه، أي أبواه. والأجرد: القصير الشعر. والسابح: السريع الجري، كأنه يسبح بيديه.
(٢) تعيا عليك، أي تعيبك وتعجزك. والمنادح: جمع مندوحة، وهو المتسع من الأرض.
(٣) أوتر القوس: شد وترها. والنبل: السهام لا واحد لها، أو واحدها نبلة، جمعه أنبال ونبال.
(٤) الهام: جمع هامة، عنى بهم القتلى من آل الرسول. والهامة: الرأس والشريف، أو هو انسياق مع ما كان يزعم العرب في جاهليتهم أن روح القتيل الَّذي لم يدرك بثأره تصير هامة فتزقو عند قبره تقول: اسقوني اسقوني! فإذا أدرك بثأره طارت. والطف: موضع قرب الكوفة كان به مقتل الحسين.
(٥) يتتايعون: يتهافتون ويسرعون في اللجاجة. وفي ح بالباء الموحدة قبل العين.