أخبار مطيع بن إياس ونسبه
  راحوا بيحيى ولو تطاوعني ال ... أقدار لم يبتكر ولم يرح(١)
  يا خير من يحسن البكاء له ال ... يوم ومن كان أمس للمدح
  قال: فبكى المنصور، وقال: صاحب هذا القبر أحقّ بهذا الشعر.
  أخبرني به عمّي أيضا عن الخزاز عن المدائني، فذكر مثله.
  شعره في جارية خرجت من قصر الرصافة
  أخبرني أحمد بن عبيد اللَّه بن عمار قال: حدّثني يعقوب بن إسرائيل قال: حدّثني المغيرة بن هشام الرّبعيّ قال: سمعت ابن عائشة يقول:
  مرّ مطيع بن إياس بالرّصافة، فنظر إلى جارية قد خرجت من قصر الرّصافة كأنّها الشمس حسنا، وحواليها وصائف يرفعن أذيالها، فوقف ينظر إليها إلى أن غابت عنه، ثم التفت إلى رجل كان معه وهو يقول:
  لمّا خرجن من الرّصا ... فة كالتّماثيل الحسان
  يحففن أحور كالغزا ... ل يميس في جدل العنان(٢)
  قطَّعن قلبي حسرة ... وتقسّما بين الأماني
  ويلي على تلك الشما ... ئل واللطيف من المعاني
  يا طول حرّ صبابتي ... بين الغواني والقيان
  بكاء ينته حين عزم على الرحلة إلى السند، وما قال في ذلك
  أخبرني الحسن بن علي قال: حدّثنا ابن مهرويه قال: حدّثني عبد اللَّه بن أبي سعيد، عن ابن توبة صالح بن محمّد، قال: حدّثني بعض ولد منصور بن زياد عن أبيه قال: قال محمّد بن الفضل بن السّكونيّ:
  رحل(٣) مطيع بن إياس إلى هشام بن عمرو وهو بالسّند مستميحا له، فلما رأته بنته قد صحّح العزم على الرّحيل بكت، فقال لها:
  اسكتي قد حززت بالدّمع قلبي ... طالما حزّ دمعكنّ القلوبا
  ودعي أن تقطَّعي الآن قلبي ... وتريني في رحلتي تعذيبا
  فعسى اللَّه أن يدافع عني ... ريب ما تحذرين حتّى أؤبا
  ليس شيء يشأوه ذو المعالي ... بعزيز عليه فادعي المجيبا
  أنا في قبضة الإله إذا ما ... كنت بعدا أو كنت منك قريبا(٤)
  ووجدت هذه الأبيات في شعر مطيع بغير رواية، فكان أوّلها:
  /
  ولقد قلت لابنتي وهي تكوي ... بانسكاب الدّموع قلبا كئيبا
  وبعده بقية الأبيات.
(١) يبتكر: يخرج بكرة. ويروح: يرجع في الرواح.
(٢) الجدل: جمع جديل، وهو الزمام المجدول. والعنان: سير اللجام، عنى بذلك دقة الخصر.
(٣) في الأصول: «دخل».
(٤) البعد، مصدر، أراد به البعيد. وفي الأصول: «بعيدا» ولا يستقيم به الوزن.