أخبار مطيع بن إياس ونسبه
  لم يهنني ذاك لفقد امرئ ... أبيض مثل البدر وضّاح
  كأنما يشرق من وجهه ... إذا بدا لي ضوء مصباح
  قال: فلما قرأ يحيى هذه الأبيات قام من وقته، فركب إليهم، وحمل إليهم ما يصلحهم من طعام وشراب وفاكهة، فأقاموا فيه أياما على قصفهم حتى ملَّوا، ثم انصرفوا.
  روايته شعرا لفتى كوفي
  أخبرني محمّد بن خلف بن المرزبان قال حدّثني حماد بن إسحاق عن أبيه عن محمّد بن الفضل قال: قال مطيع بن إياس:
  جلست أنا ويحيى بن زياد إلى فتى من أهل الكوفة كان ينسب إلى الصّبوة(١) ويكتم ذاك، ففاوضناه وأخذنا في أشعار العرب ووصفها البيد وما أشبه ذلك، فقال:
  لأحسن من بيد يحار بها القطا ... ومن جبلي طيّ ووصفكما سلعا(٢)
  تلاحظ عيني عاشقين كلاهما ... له مقلة في وجه صاحبه ترعى
  المهدي يعاتب مطيع بن إياس
  أخبرني محمّد بن خلف بن المرزبان قال حدّثنا حماد بن إسحاق عن أبيه قال حدّثني أبو المضاء قال:
  عاتب المهدي مطيع بن إياس في شيء بلغه عنه، فقال له: يا أمير المؤمنين، إن كان ما بلغك عني حقا فما تغني المعاذير، وإن كان باطلا(٣) فما تضر الأباطيل. فقبل عذره وقال: فإنّا ندعك على حملتك ولا نكشفك. واللَّه أعلم.
  مطيع وأصحابه يشربون ومعهم جوهر المغنية
  حدّثني عمي الحسن بن محمّد قال حدّثنا الكراني قال حدّثنا العمري عن الهيثم بن عديّ قال:
  اجتمع حماد الراوية ومطيع بن إياس ويحيى بن زياد وحكم الواديّ يوما على شراب لهم في بستان بالكوفة، وذلك في زمن الربيع، ودعوا جوهر المغنية، وهي الَّتي يقول فيها مطيع:
  أنت يا جوهر عندي جوهره ... في قياس الدّرر المشتهره
  فشربوا تحت كرم معروش حتى سكروا، فقال مطيع في ذلك:
  صوت
  خرجنا نمتطي الزهرا ... ونجعل سقفنا الشجرا
  ونشربها معتّقة ... تخال بكأسها شررا
  وجوهر عندنا تحكي ... بدارة وجهها القمرا
  يزيدك وجهها حسنا ... إذا ما زدته نظرا
  وجوهر قد رأيناها ... فلم نر مثلها بشر
(١) الصبوة: جهلة الفتوّة واللهو من الغزل.
(٢) القطا: جمع قطاة وهي طائر في حجم الحمام، وقد يطلق الحمام عليه للمشابهة. سلع: موضع بقرب المدينة، وقيل جبل بالمدينة.
(٣) في ب، ح: «وإن باطلا».