كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار محمد بن كناسة ونسبه

صفحة 231 - الجزء 13

  أتيت امرأة من بني أود تكحلني من رمد كان أصابني، فكحلتني ثم قالت: اضطجع قليلا حتى يدور الدواء في عينك. فاضطجعت، ثم تمثلت قول الشاعر:

  أمخترمي ريب المنون ولم أزر ... طبيب بني أود على النّأي زينبا⁣(⁣١)

  فضحكت ثم قالت: أتدري فيمن قيل هذا الشعر؟ قلت: لا واللَّه. فقالت: فيّ واللَّه قيل، وأنا زينب الَّتي عناها، وأنا طبيب أود، أفتدري من الشاعر؟ قلت: لا. قالت: عمك أبو سماك الأسدي.

  جارية ابن كناسة تقول شعرا فيمن يعرض لها بأنه يهواها

  أخبرني عيسى بن الحسين الورّاق قال حدّثنا الزبير بن بكَّار قال أخبرني عليّ بن عثّام الكلابيّ قال:

  / كانت لابن كناسة جارية شاعرة مغنية، يقال لها دنانير، وكان له صديق يكنى أبا الشّعثاء، وكان عفيفا مزّاحا، فكان يدخل إلى ابن كناسة يسمع غناء جاريته ويعرّض لها بأنه يهواها، فقالت فيه:

  لأبي الشعثاء حبّ باطن ... ليس فيه نهضة للمتّهم /

  يا فؤادي فازدجر عنه ويا ... عبث الحبّ به فاقعد وقم

  زارني منه كلام صائب ... ووسيلات المحبّين الكلم

  صائد تأمنه غزلانه ... مثل ما تأمن غزلان الحرم⁣(⁣٢)

  صلّ إن أحببت أن تعطى المنى ... يا أبا الشّعثاء للَّه وصم

  ثمّ ميعادك يوم الحشر في ... جنّة الخلد إن اللَّه رحم

  حيث ألقاك غلاما ناشئا ... يافعا قد كملت فيه النّعم⁣(⁣٣)

  ابن كناسة يرثي جاريته

  أخبرني أحمد بن العباس العسكريّ المؤدّب قال حدّثنا الحسن بن عليل العنزيّ قال حدّثني أحمد بن محمّد الأسديّ قال حدّثني جدي موسى بن صالح قال: ماتت دنانير جارية ابن كناسة، وكانت أديبة شاعرة، فقال يرثيها بقوله:

  الحمد للَّه لا شريك له ... يا ليت ما كان منك لم يكن

  إن يكن القول قلّ فيك فما ... أفحمني غير شدّة الحزن

  رواية ابن كناسة للحديث

  قال أبو الفرج: وقد روى ابن كناسة حديثا كثيرا، وروى عنه الثقات من المحدثين؛ فممن روى ابن كناسة عنه سليمان بن مهران الأعمش، وإسماعيل بن أبي خالد، وهشام بن عروة بن الزبير، ومسعر بن كدام، وعبد العزيز بن أبي داود، وعمر بن ذر الهمداني⁣(⁣٤)، وجعفر بن برقان، وسفيان الثّوري، وفطر بن خليفة⁣(⁣٥) ونظراؤهم.


(١) مخترم: من اخترمته المنية، إذا أخذته. ريب المنون: حوادث الدهر. وفي الأصول: «أمختبري».

(٢) في ب، ج: «صائدة منه».

(٣) يافعا: راهق العشرين.

(٤) ترجم له في تهذيب التهذيب. وفي الأصول: «عمرو»، تحريف.

(٥) في ب، س «قطن» صوابه في ح. وقد ترجم له في تهذيب التهذيب.