أخبار الحصين بن الحمام ونسبه
  /
  أنّى لك الحرقات فيما بيننا! ... عنن بعيد منك يا بن حمام(١)
  أقبلت تزجي ناقة متباطئا ... علطا تزجّيها بغير خطام
  تزجي: تسوق، علطا: لا خطام عليها ولا زمام، أي أتيت هكذا من العجلة - فأجابه الحصين بن الحمام:
  برج يؤثّمني ويكفر نعمتي ... صمّي لما قال الكفيل صمام(٢)
  مهلا أبا زيد فإنّك إن تشأ ... أوردك عرض مناهل أسدام(٣)
  أوردك أقلبة إذا حافلتها ... خوض القعود خبيئة الأخصام(٤)
  أقبلت من أرض الحجاز بذمّة ... عطلا أسوّقها بغير خطام(٥)
  في إثر إخوان لنا من طيئ ... ليسوا بأكفاء ولا بكرام
  لا تحسبنّ أخا العفاطة أنني ... رجل بخبرك ليس بالعلَّام(٦)
  فاستنزلوك وقد بللت نطاقها ... عن بنت أمّك والذيول دوامي(٧)
  / ثم ناصب الحصين بن الحمام البرج الحرب، فقتل من أصحاب البرج عدّة وهزم، سائرهم، / واستنقذ ما في أيديهم، وأسر البرج، ثم عرف له حقّ ندامه وعشرته إياه فمنّ عليه وجزّ ناصيته وخلَّى سبيله. فلما عاد البرج إلى قومه وقد سبّه الحصين بما فعل بأخته لامهم وقال: أشعتم ما فعلت بأختي وفضحتموني، ثم ركب رأسه وخرج من بين أظهرهم فلحق ببلاد الروم، فلم يعرف له خبر إلى الآن.
  وقال ابن الكلبيّ: بل شرب الخمر صرفا حتى قتلته.
  غارته على بني عقيل وبني كعب وشعره في ذلك
  أخبرني ابن دريد قال: حدّثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال:
  جمع الحصين بن الحمام جمعا من بني عديّ ثم أغار على بني عقيل وبني كعب فأثخن فيهم واستاق نعما كثيرا ونساء، فأصاب أسماء بنت عمرو سيّد بني كعب فأطلقها ومنّ عليها، وقال في ذلك:
(١) أنى لك الحرقات: أي من أين لك قرابتهم. عنّ الشيء عننا: ظهر أمامك وعرص. أي إن ما عنّ لك في هذا الشأن بعيد وباطل.
(٢) أثمه تأثيما: قال له أثمت. الكفيل هنا: الَّذي لا يثبت على ظهر الدابة (انظر «تاج العروس») ومن أمثال العرب: صمى صمام، والخطاب للداهية. وصمام كقطام: الداهية الشديدة. وصمى صمام أي زيدي يا داهية.
(٣) العرض من النهر والبحر: وسطه. مياه أسدام: متغيرة.
(٤) كذا في الأصول. والأقلبة: جمع قليب وهي البئر. والأخصام: جمع خصم بالضم. وخصم كل شيء: طرفه وجانبه. ولعل صوابه:
أوردك أقلبة إذا ما خلتها الخ
والمعنى على ذلك: أوردك أقلبة خبيئة الأخصام إذا ما ظننتها سهلة الاستقاء غير شاقة كالمخاضة الَّتي تخوضها القعود بسهولة، أو لعل صوابه «أوردك أقلبة أجاجا ماؤها: خوص القعور ...» وخوص (بالضم) جمع خوصاء، وبئر خوصاء: بعيدة القعر لا يروي ماؤها الأنعام.
(٥) بذمة: أي بناقة ذمة أي مفرطة الهزال شبه الهالكة، فهي مذمومة لأجل ذلك؛ من قولهم: بئر ذمة أي قليلة الماء مذمومة. العطل في الأصل: المرأة ليس عليها حلي، يريد أن الناقة ليس عليها زمام، أو هو «علطا» كما جاء في بيت البرج بن الجلاس السابق.
(٦) الخبر: العلم بالشيء. وفي ب، س: «كالعلام» وهو تحريف.
(٧) كذا في «مختار الأغاني الكبير» ج ٣: ص ٤٠٨ وفي الأصول: «من بيت أمك» وهو تصحيف.