أخبار الحصين بن الحمام ونسبه
  صبرت ولم أك رعديدة ... وللصّبر في الرّوع أنجى لها(١)
  / ويوم تسعّر فيه الحروب ... لبست إلى الرّوع سربالها(٢)
  مضعّفة السّرد عاديّة ... وعضب المضارب مفصالها(٣)
  ومطَّردا من ردينيّة ... أذود عن الورد أبطالها(٤)
  فلم يبق من ذاك إلا التّقى ... ونفس تعالج آجالها
  أمور من اللَّه فوق السماء ... مقادير تنزل أنزالها(٥)
  أعوذ بربّي من المخزيا ... ت يوم ترى النفس أعمالها
  وخفّ الموازين بالكافرين ... وزلزلت الأرض زلزالها
  ونادى مناد بأهل القبور ... فهبّوا لتبرز أثقالها
  / وسعّرت النار فيها العذاب ... وكان السلاسل أغلالها
  موته ورثاء أخيه إياه
  حدّثنا ابن دريد قال حدّثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال:
  مات حصين بن الحمام في بعض أسفاره، فسمع صائح في الليل يصيح لا يعرف في بلاد بني مرّة:
  ألا هلك الحلو الحلال الحلاحل ... ومن عقده حزم وعزم ونائل(٦)
  - الحلو: الجميل، والحلال: الَّذي لبس عليه في ماله عيب(٧). والحلاحل: الشريف العاقل -:
  ومن خطبه فصل إذا القوم أفحموا ... يصيب مرادي قوله من يحاول
  / - المرادي: جمع مرادة، وهي صخرة تردى بها الصخور، أي تكسر - قال: فلما سمع أخوه معيّة بن الحمام ذلك قال: هلك واللَّه الحصين، ثم قال يرثيه:
  إذا لاقيت جمعا أو فئاما ... فإنّي لا أرى كأبي يزيدا(٨)
  أشدّ مهابة وأعزّ ركنا ... وأصلب ساعة الضّرّاء عواد
  صفيّي وابن أمّي والمواسي ... إذا ما النفس شارفت الوريدا(٩)
(١) في ج «ولا الصبر» وفي ب، س «والصبر» وهما تحريف. رجل رعديد ورعديدة: جبان يرعد عند القتال جبنا. والروع: الفزع.
(٢) تسعر أصله تتسعر، أي تتقد. السربال: القميص، وتطلق على الدرع كما في البيت.
(٣) السرد: نسج الدرع. ومضعفة: مضاعفة. وعادية: قديمة، نسبة إلى عاد. وعضب المضارب: سيفا قاطعا. ومفصال: مبالغة في فاصل أي ماض.
(٤) من ردينية أي من رماح ردينية، نسبة إلى ردينة زوجة سمهر، وكانا مثقفين للرماح. ورمح مطرد: الأتابيب والكعوب أي مستقيمها متتابعها.
(٥) أنزال جمع نزل كعنق وقفل، وهو المنزل، أي تقع مواقعها.
(٦) النائل: النوال والعطاء.
(٧) في ب، س «عين» وهو تحريف.
(٨) الفئام: الجماعة من الناس.
(٩) الصفي: الحبيب المصافي.