كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار الحصين بن الحمام ونسبه

صفحة 262 - الجزء 14

  صبرت ولم أك رعديدة ... وللصّبر في الرّوع أنجى لها⁣(⁣١)

  / ويوم تسعّر فيه الحروب ... لبست إلى الرّوع سربالها⁣(⁣٢)

  مضعّفة السّرد عاديّة ... وعضب المضارب مفصالها⁣(⁣٣)

  ومطَّردا من ردينيّة ... أذود عن الورد أبطالها⁣(⁣٤)

  فلم يبق من ذاك إلا التّقى ... ونفس تعالج آجالها

  أمور من اللَّه فوق السماء ... مقادير تنزل أنزالها⁣(⁣٥)

  أعوذ بربّي من المخزيا ... ت يوم ترى النفس أعمالها

  وخفّ الموازين بالكافرين ... وزلزلت الأرض زلزالها

  ونادى مناد بأهل القبور ... فهبّوا لتبرز أثقالها

  / وسعّرت النار فيها العذاب ... وكان السلاسل أغلالها

  موته ورثاء أخيه إياه

  حدّثنا ابن دريد قال حدّثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال:

  مات حصين بن الحمام في بعض أسفاره، فسمع صائح في الليل يصيح لا يعرف في بلاد بني مرّة:

  ألا هلك الحلو الحلال الحلاحل ... ومن عقده حزم وعزم ونائل⁣(⁣٦)

  - الحلو: الجميل، والحلال: الَّذي لبس عليه في ماله عيب⁣(⁣٧). والحلاحل: الشريف العاقل -:

  ومن خطبه فصل إذا القوم أفحموا ... يصيب مرادي قوله من يحاول

  / - المرادي: جمع مرادة، وهي صخرة تردى بها الصخور، أي تكسر - قال: فلما سمع أخوه معيّة بن الحمام ذلك قال: هلك واللَّه الحصين، ثم قال يرثيه:

  إذا لاقيت جمعا أو فئاما ... فإنّي لا أرى كأبي يزيدا⁣(⁣٨)

  أشدّ مهابة وأعزّ ركنا ... وأصلب ساعة الضّرّاء عواد

  صفيّي وابن أمّي والمواسي ... إذا ما النفس شارفت الوريدا⁣(⁣٩)


(١) في ج «ولا الصبر» وفي ب، س «والصبر» وهما تحريف. رجل رعديد ورعديدة: جبان يرعد عند القتال جبنا. والروع: الفزع.

(٢) تسعر أصله تتسعر، أي تتقد. السربال: القميص، وتطلق على الدرع كما في البيت.

(٣) السرد: نسج الدرع. ومضعفة: مضاعفة. وعادية: قديمة، نسبة إلى عاد. وعضب المضارب: سيفا قاطعا. ومفصال: مبالغة في فاصل أي ماض.

(٤) من ردينية أي من رماح ردينية، نسبة إلى ردينة زوجة سمهر، وكانا مثقفين للرماح. ورمح مطرد: الأتابيب والكعوب أي مستقيمها متتابعها.

(٥) أنزال جمع نزل كعنق وقفل، وهو المنزل، أي تقع مواقعها.

(٦) النائل: النوال والعطاء.

(٧) في ب، س «عين» وهو تحريف.

(٨) الفئام: الجماعة من الناس.

(٩) الصفي: الحبيب المصافي.