أخبار محمد بن يسير ونسبه
  فيمرّ منها في البراري والقرى ... من كل أعصل كالسّنان هصور(١)
  في حين تؤذيها المبايت موهنا ... أو بعد ذلك آخر التسحير(٢)
  يختصّ كلّ سليل سابق غاية ... محض النّجار مجرّب مخبور(٣)
  / عجّل عليه بما دعوت له به ... أره بذاك عقوبة التّنوير
  حتى يقول جميع من هو شامت ... هذي إجابة دعوة ابن يسير
  فلألفينّك عند حالي حسرة ... وتأسّف وتلهّف وزفير
  ولتلفينّ إذا رمتك بسهمها ... أيدي المصائب منك غير صبور
  قوله في قصر خرب
  أخبرني عمّي قال حدّثنا ابن مهرويه قال: حدّثني القاسم بن الحسن مولى جعفر بن سليمان قال:
  خرجنا مع بعض ولد النّوشجانيّ(٤) إلى قصر له في بستانهم بالجعفريّة(٥)، ومعنا محمّد بن يسير، وكان ذلك القصر من القصور الموصوفة بالحسن، فإذا هو قد خرب واختلّ، فقال فيه محمّد بن يسير:
  ألا يا قصر قصر النّوشجاني ... أرى بك بعد أهلك ما شجاني(٦)
  / فلو أعفى البلاء ديار قوم ... لفضل منهم ولعظم شان
  لما كانت ترى بك بيّنات ... تلوح عليك آثار الزمان
  قوله في رثاء نفسه
  أخبرني عمّي قال حدّثنا ابن مهرويه قال حدّثنا محمّد بن أبي حرب قال أنشدنا يوما محمّد بن يسير في مجلس أبي محمّد الزاهد صاحب الفضيل بن عياض لنفسه قال:
  ويل لمن لم يرحم اللَّه ... ومن تكون النار مثواه
  واغفلتا في كلّ يوم مضى ... يذكرني الموت وأنساه
  من طال في الدنيا به عمره ... وعاش فالموت قصاراه(٧)
  / كأنّه قد قيل في مجلس ... قد كنت آتيه وأغشاه
  محمّد صار إلى ربّه ... يرحمنا اللَّه وإيّاه
  قال: فأبكى واللَّه جميع من حضر.
(١) ناب أعصل: معوج شديد. وفي ب، س «أعبل» وفي ج «أعضل» وهو تحريف. وهصور: كاسر.
(٢) الموهن (والوهن): نحو من نصف الليل أو بعد ساعة منه.
(٣) سليل: ولد. والنجار بالكسر والضم: الأصل. والمحض من كل شيء: الخالص. ومخبور: مختبر.
(٤) نسبة إلى نوشجان، وهي مدينة بفارس.
(٥) الجعفرية: محلة كبيرة في الجانب الشرقي من بغداد.
(٦) شجاني: أحزنني.
(٧) قصاراه: غايته.