كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار قيس بن الحدادية ونسبه

صفحة 349 - الجزء 14

  عامر، وهو ماء السماء بن الحارث - قيس بن الحداديّة، كان أكثرهم قولا في ذلك وسعيا قوم منهم يقال لهم: بنو قمير بن حبشيّة بن سلول، فجمع لهم قيس شذّاذا⁣(⁣١) من العرب وفتّاكا من قومه، وأغار عليهم بهم، وقتل منهم رجلا يقال له ابن عش، واستاق أموالهم، فلحقه رجل من قومه كان سيّدا، وكان ضلعه⁣(⁣٢) مع قيس فيما جرى عليه من الخلع، يقال له ابن محرّق، فأقسم عليه أن يردّ ما استاقه، فقال: أمّا ما كان لي ولقومي فقد أبررت قسمك فيه، وأمّا ما اعتورته⁣(⁣٣) أيدي هذه الصعاليك فلا حيلة لي فيه، فردّ سهمه وسهم عشيرته، وقال في ذلك:

  /

  فاقسم لولا أسهم ابن محرّق ... مع اللَّه ما أكثرت عدّ الأقارب⁣(⁣٤)

  / تركت ابن عشّ يرفعون برأسه ... ينوء بساق كعبها غير راتب⁣(⁣٥)

  وأنهاهم خلعي على غير ميرة ... من اللحم حتى غيّبوا في الغوائب⁣(⁣٦)

  وقال أبو عمرو: أغار أبو بردة بن هلال بن غويمر، أخو بني مالك بن أفصى بن حارثة بن عمرو بن عامر بن امرئ القيس على هوازن في بلادها، فلقي عمرو بن عامر بن ربيعة بن عامر بن صعصعة وبني نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن، فاقتتلوا قتالا شديدا، فانهزمت بنو عامر⁣(⁣٧) وبنو نصر، وقتل أبو بردة قيس بن زهير أخا خداش بن زهير الشاعر، وسبى نسوة من بني عامر: منهن صخرة بنت أسماء بن الضّريبة النّصري، وامرأتين منهم يقال لهما:

  بيقر وريّا، ثم انصرفوا راجعين، فلما انتهوا إلى هرشى⁣(⁣٨) خنقت صخرة نفسها فماتت، وقسم أبو بردة السبي والنّعم والأموال في كلّ من كان معه، وجعل فيه نصيبا لمن غاب عنها من قومه وفرّقه فيهم.

  ثم أغارت هوازن على بني ليث، فأصابوا حيّا منهم يقال لهم: بنو الملوح بن يعمر بن عوف، ورعاء لبني ضاطر بني حبشية، فقتلوا منهم رجلا وسبوا منهم سبيا كثيرا واستاقوا أموالهم، فقال في ذلك مالك بن عوف النّصري⁣(⁣٩):

  /

  نحن جلبنا الخيل من بطن ليّة ... وجلدان جردا منعلات ووقّحا⁣(⁣١٠)


(١) الشذاذ: الذين ليسوا في حيهم ومنازلهم.

(٢) ضلعك معه بفتح الضاد، أي ميلك وهواك.

(٣) اعتوروا الشيء وتعاوروه: تداولوه.

(٤) لولا أسهم: أي لولا أن أسهم بتقدير أن كقوله:

أنت المبارك والميمون سيرته ... لولا تقوّم درء القوم لاختلفوا

وأسهم له: أعطاه سهما والمعنى: لولا أن ابن محرق جعل للَّه سهما في هؤلاء القوم أي لولا أنه أقسم عليّ باللَّه أن أرد إليهم ما غنمته منهم، ما أكثرت عد الأقارب: أي لقللت عدد أقاربي فلم أبق على هؤلاء الذين نالوني بالأذى منهم.

(٥) غير راتب: أي غير منتصب.

(٦) نهى من اللحم كفرح وأنهى: شبع منه واكتفى. الميرة: الطعام يمتاره الإنسان أي يجلبه، وفي ج «وأنهاهم خلعي غير ميرة» بإسقاط «على» وفي ب، س «على غير مرة عن».

(٧) هم بنو عامر بن صعصة بن معاوية بن بكر بن هوازن.

(٨) هرشى: ثنية في طريق مكة قريبة من الجحفة.

(٩) كان قائد المشركين في غزوة حنين.

(١٠) لية: من نواحي الطائف، مر به رسول اللَّه حين انصرافه من حنين يريد الطائف وأمر وهو بلية بهدم حصن مالك بن عوف.

جلدان: ويروى بالدال وبالذال، موضع قرب الطائف بين لية وسبل، يسكنه بنو نصر بن معاوية من هوازن، جردا جمع أجرد: وهو القصير الشعر، وذلك من علامات العتق والكرم، وفرس منعل: شديد الحافر، ووقح الحافر: صلب فهو واقح والجمع وقح، ووقاح كسحاب، والجمع وقح كسحب أي صلب باق على الحجارة. وفي البيت خرم.