كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار قيس بن الحدادية ونسبه

صفحة 350 - الجزء 14

  فأصبحن قد جاوزن مرّا وجحفة ... وجاوزن من أكناف نخلة أبطحا⁣(⁣١)

  تلقّطن ضيطاري خزاعة بعد ما ... أبرن بصحراء الغميم الملوّحا⁣(⁣٢)

  قتلناهم حتى تركنا شريدهم ... نساء وأيتاما ورجلا مسدّحا⁣(⁣٣)

  فإنك لو طالعتهم لحسبتهم ... بمنعرج الصّفراء عترا مذبحا⁣(⁣٤)

  أغار على هوازن وقتل أبو زيد وعروة وقال شعرا

  فلما صنعت هوازن ببني ضاطر ما صنعت، جمع قيس بن الحداديّة قومه، فأغار على جموع⁣(⁣٥) هوازن، فأصاب سبيا ومالا، وقتل يومئذ من بني قشير: أبا زيد وعروة وعامرا ومروّحا، وأصاب أبياتا من كلاب خلوفا⁣(⁣٦)، واستاق أموالهم وسبيا، ثم انصرف وهو يقول.

  /

  نحن جلبنا الخيل قبّا بطونها ... تراها إلى الدّاعي المثوّب جنّحا⁣(⁣٧)

  بكلّ خزاعيّ إذا الحرب شمّرت ... تسربل فيها برده وتوشّحا

  قرعنا قشيرا في المحلّ عشيّة ... فلم يجدوا في واسع الأرض مسرحا

  قتلنا أبا زيد وزيدا وعامرا ... وعروة أقصدنا⁣(⁣٨) بها ومروّحا

  وأبنا بإبل القوم تحدى، ونسوة ... يبكَّين شلوا أو أسيرا مجرّحا⁣(⁣٩)

  غداة سقينا أرضهم من دمائهم ... وأبنا بأدم كنّ بالأمس وضّحا⁣(⁣١٠)

  ورعنا كلابا قبل ذاك بغارة ... فسقنا جلادا في المبارك قرّحا⁣(⁣١١)

  لقد علمت أفناء بكر بن عامر ... بأنّا نذود الكاشح المتزحزحا⁣(⁣١٢)


(١) بطن مر، ويقال له: مر الظهران: موضع بينه وبين مكة خمسة أميال، والجحفة: على ثلاث مراحل من مكة في طريق المدينة، ونخلة الشامية واليمانية: واديان على ليلتين من مكة يجتمعان ببطن مر، والأبطح: مسيل واسع فيه دقاق الحصى.

(٢) الضيطار: الضخم اللئيم الَّذي لا غناء عنده، أبارهم: أهلكهم، الغميم: موضع بين مكة والمدينة قرب المدينة بين رابغ والجحفة.

(٣) السدح: ذبحك الشيء وبسطكه على الأرض، أو هو الصرع بطحا على الوجه أو إلقاء على الظهر كالتسديح.

(٤) طالعه طلاعا ومطالعة: اطلع عليه، الصفراء: قرية كثيرة النخل والمزارع، وهي فوق ينبع مما يلي المدينة، والعتر والعتيرة كذبح وذبيحة: الرجبية، وهي شاة كانوا يذبحونها في الجاهلية في رجب يتقربون بها إلى آلهتهم ويصب دمها على رأسها، وفي ب، س «عنزا».

(٥) في الأصول «مصنوع» وهو تحريف.

(٦) الخلوف: الحيّ إذا خرج الرجال وبقي النساء.

(٧) القبب كسبب: دقة الخصر وضمور البطن، قب بطن الفرس يقب كبعض فهو أقب وهي قباء والجمع قب بالضم، التثويب تثنية الدعاء، جنح جمع جانحة: أي مائلة إليه مقبلة عليه. وفي البيت خرم.

(٨) أقصده: طعنه فلم يخطئه.

(٩) تحدى: تساق. والشلو: كل مسلوخ أكل منه شيء وبقيت منه بقية.

(١٠) بأدم: أي بسبايا من النساء أدم، جمع أدماء، وصف من الأدمة بالضم وهي في الناس: السمرة، وضحا: أي بيضا جمع واضحة، صرن أدما لشدة ما قاسين من ذل السبي والغلبة.

(١١) رعنا: أفزعنا، والجلاد من الإبل: الغزيرات اللبن، أو الَّتي لا لبن لها ولا نتاج، والقرّح والقوارح: جمع قارح وهي الناقة أول ما تحمل.

(١٢) الأفناء: الأخلاط، والكاشح: مضمر العداوة، والمتزحزح: المتباعد، يريد المتباعد عن محبتنا المتجافي عن مودّتنا.