كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار قيس بن الحدادية ونسبه

صفحة 358 - الجزء 14

  /

  وبدّلت من جدواك يا أمّ مالك ... طوارق همّ يحتضرن وساديا⁣(⁣١)

  / وأصبحت بعد الأنس لابس جبّة ... أساقي الكماة الدارعين العواليا⁣(⁣٢)

  فيوماي يوم في الحديد مسربلا ... ويوم مع البيض الأوانس لاهيا

  فلا مدركا حظا لدى أمّ مالك ... ولا مستريحا في الحياة فقاضيا⁣(⁣٣)

  خليليّ إن دارت على أمّ مالك ... صروف الليالي فابعثا لي ناعيا

  ولا تتركاني لا لخير معجّل ... ولا لبقاء تنظران بقائيا

  وإن الَّذي أمّلت من أمّ مالك ... أشاب قذالي واستهام فؤاديا⁣(⁣٤)

  فليت المنايا صبّحتني غديّة ... بذبح ولم أسمع لبين مناديا⁣(⁣٥)

  نظرت ودوني يذبل وعماية ... إلى آل نعم منظرا متنائيا⁣(⁣٦)

  شكوت إلى الرحمن بعد مزارها ... وما حمّلتني وانقطاع رجائيا

  وقلت ولم أملك أعمرو بن عامر ... لحتف بذات الرّقمتين يرى ليا⁣(⁣٧)

  وقد أيقنت نفسي عشيّة فارقوا ... بأسفل وادي الدّوح أن لا تلاقيا⁣(⁣٨)

  إذا ما طواك الدهر يا أمّ مالك ... فشأن المنايا القاضيات وشانيا⁣(⁣٩)

  أراد قوم من مزينة أسره فقاتلهم حتى قتل وهو يرتجز

  قال أبو عمرو: وقد أدخل الناس أبياتا من هذه القصيدة في شعر المجنون.

  قال أبو عمرو: وكان من خبر مقتل قيس بن الحداديّة أنه لقي جمعا من مزينة يريدون الغارة على بعض من يجدون منه غرّة، فقالوا له: استأسر، فقال: وما ينفعكم منّي إذا استأسرت وأنا خليع؟ واللَّه لو أسرتموني ثم طلبتم بي من قومي عنزا جرباء جدماء⁣(⁣١٠) ما أعطيتموها، فقالوا له: استأسر لا أمّ لك⁣(⁣١١)! فقال: نفسي عليّ أكرم من ذاك، وقاتلهم حتى قتل. وهو يرتجز ويقول:


(١) الجدوى: العطية، وفي الأصول «يحضرون» وهو خطأ صوابه ما أثبتنا لأن مرجع الضمير غير عاقل.

(٢) الجبة: الدرع. والكماة: جمع كميّ: وهو الشجاع المتكمي في سلاحه أي المتغطي المتستر بالدرع والبيضة. ورجل دارع: عليه درع. والعوالي جمع عالية، وهي أعلى الرمح ورأسه.

(٣) قاضيا: ميتا، من قضى، أي مات.

(٤) القذال: جماع مؤخر الرأس، واستهام فؤاده: أذهبه.

(٥) غدية مثل عشية: لغة في غدوة، كضحية لغة في ضحوة، والجمع غدايا كعشية وعشايا. والبين: الفراق.

(٦) يذبل وعماية: جبلان في بلاد نجد.

(٧) الرقمتان: روضتان إحداهما قريب من البصرة، والأخرى بنجد. وفي ج «أبزى ليا» وهو تحريف.

(٨) في ب، س «وادي الروح» وهو تحريف.

(٩) في الأصول «القاصيات» وهو تصحيف.

(١٠) الجذماء. المقطوعة اليد.

(١١) يقول الرجل للرجل: «لا أم لك» وهو شتم وسب، ومعناه ليس لك أم حرّة، وذلك أن بني الإماء عند العرب مذمومون ليسوا بمرضيين ولا لاحقين ببني الحرائر. وقيل: معناه أنت لقيط لا تعرف لك أم، وربما وضع موضع المدح بمعنى التعجب منه.