كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار ابن قنبر ونسبه

صفحة 361 - الجزء 14

  هنيئا مريئا أنت بالفحش أبصر

  وكان ابن قنبر مستعليا عليه مدّة، ثم غلبه مسلم بعد ذلك، فمن مناقضتهما قول ابن قنبر:

  ومن عجب الأشياء أنّ لمسلم ... إليّ نزاعا في الهجاء وما يدري⁣(⁣١)

  واللَّه ما قيست عليّ جدوده ... لدي مفخر في الناس قوسا ولا شعري⁣(⁣٢)

  ولابن قنبر قوله:

  كيف أهجوك يا لئيم بشعري ... أنت عندي فاعلم هجاء هجائي

  يا دعيّ الأنصار بل عبدها النذ ... ل تعرّضت لي لدرك الشقاء

  أنشد المأمون بيتين له وأمر ابن محرز بتلحينها.

  أخبرني عيسى بن الحسين الورّاق قال: حدّثنا عبد اللَّه بن أبي سعد قال: حدّثني أبو توبة، عن محمّد بن جبير⁣(⁣٣) عن الحسين بن محرز المغنّي المديني قال: دخلت يوما على المأمون في يوم نوبتي وهو ينشد:

  صوت

  فما أقصر اسم الحبّ يا ويح ذي الحبّ ... وأعظم بلواه على العاشق الصبّ

  يمرّ به لفظ اللَّسان مشمّرا ... ويغرق من ساقاه في لجج الكرب

  فلما بصر بي قال: تعال يا حسين، فجئت، فأنشدني البيتين، ثم أعادهما عليّ حتى حفظتهما، ثم قال: اصنع فيهما لحنا، فإن أجدت سررتك، فخلوت وصنعت فيهما لحني المشهور، وعدت فغنيّته إيّاه، فقال: أحسنت، وشرب عليه بقيّة يومه، وأمر لي بألف دينار، والشعر لحكم بن قنبر.

  شعره في النسيب

  أخبرني محمّد بن الأزهر قال: حدّثني حماد بن إسحاق، عن أبيه، عن محمّد بن سلَّام قال: أنشدني ابن قنبر لنفسه:

  ويلي على من أطار النوم وامتنعا ... وزاد قلبي على أوجاعه وجعا

  ظبي أغرّ ترى في وجهه سرجا ... تعشي العيون إذا ما نوره سطعا⁣(⁣٤)

  كأنما الشمس في أثوابه بزغت ... حسنا، أو البدر في أردانه طلعا⁣(⁣٥)

  فقد نسيت الكرى من طول ما عطلت ... منه الجفون وطارت مهجتي قطعا


(١) نزع إليه نزاعا: اشتاق، كنازع.

(٢) عليّ: على جدودي وأصولي. قوسا: مقدار قوس.

(٣) في الأصول: «حبر» بالحاء المهملة؛ والتصويب عن «الأغاني» ج ١٣: ٢٧٧ سطر ١٤.

(٤) سرجا: جمع سراج. تعشى العيون: أعشاه فعشى (كفرح) عشا، والعشا سوء البصر، وفي الأصول «يغشي».

(٥) أردان: جمع ردن بالضم، وهو أصل الكم.