كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار ابن قنبر ونسبه

صفحة 360 - الجزء 14

١١ - أخبار ابن قنبر ونسبه

  نسبه

  هو الحكم بن محمّد بن قنبر المازني مازن بني عمرو بن تميم، بصريّ شاعر ظريف من شعراء الدولة الهاشميّة، وكان يهاجي مسلم بن الوليد الأنصاري مدّة، ثم غلبه مسلم.

  هجاؤه مسلم بن الوليد

  قال أبو الفرج: نسخت من كتاب جدّي يحيى بن محمّد بن ثوابة بخطَّه: حدّثني الحسن بن سعيد قال: حدّثني منصور بن جهور قال: لمّا تهاجى مسلم بن الوليد وابن قنبر، أمسك عنه مسلم بعد أن بسط عليه لسانه، فجاء مسلما ابن عم له فقال: أيها الرجل، إنك عند الناس فوق هذا الرجل في عمود الشعر، وقد بعثت عليك لسانك ثم أمسكت عنه، فإما أن قاذعته، وإما أن سالمته؛ فقال له مسلم: إن لنا شيخا وله مسجد يتهجد⁣(⁣١) فيه، وله دعوات يدعوها، ونحن نسأله أن يجعل بعض دعواته في كفايتنا إياه، فأطرق الرجل ساعة ثم قال:

  غلب ابن قنبر واللئيم مغلَّب ... لما اتّقيت هجاءه بدعاء⁣(⁣٢)

  ما زال يقذف بالهجاء ولذعه ... حتى اتقوه بدعوة الآباء

  قال: فقال له مسلم: واللَّه ما كان ابن قنبر ليبلغ منّي هذا، فأمسك عني لسانك وتعرف خبره بعد، قال: فبعث الرجل واللَّه عليه من لسان مسلم ما أسكته.

  أخبرني الحسن بن علي قال: حدّثنا ابن مهرويه قال: حدّثني محمّد بن عبد اللَّه العبدي القسري قال: رأيت مسلم بن الوليد والحكم بن قنبر في مسجد الرّصافة⁣(⁣٣) / في يوم جمعة، وكل واحد منهما بإزاء صاحبه، وكانا يتهاجيان، فبدأ مسلم فأنشد قصيدته:

  أنا النار في أحجارها مستكنّة ... فإن كنت ممّن يقدح النار فاقدح⁣(⁣٤)

  وتلاه ابن قنبر فأنشد قوله:

  قد كدت تهوي وما قوسي بموترة ... فكيف ظنّك بي والقوس في الوتر⁣(⁣٥)

  فوثب مسلم وتواخزا⁣(⁣٦) وتواثبا حتى حجز الناس بينهما فتفرّقا، فقال رجل لمسلم - وكان يتعصب له -: ويحك! أعجزت عن الرجل حتى وأثبته؟ قال: أنا وإيّاه لكما قال الشاعر:


(١) التهجد: صلاة الليل.

(٢) المغلب: المحكوم له بالغلبة.

(٣) يعني رصافة بغداد، وهي في الجانب الشرقي.

(٤) في الأصول: «إذا النار» ولعل الصواب ما أثبتناه.

(٥) أوتر القوس: جعل لها وترا.

(٦) تواخزا: تطاعنا طعنا غير نافذ، وقيل فيه غير ذلك. وفي الأصول: «وتواخذا» بالذال؛ وهو تصحيف.