أخبار الأسود ونسبه
  شعره في محمّد بن عبد اللَّه بن كثير
  قال: وهو الَّذي يقول لمحمد بن عبيد اللَّه بن كثير بن الصّلت:
  ذكرناك شرطيا فأصبحت قاضيا ... وصرت أميرا، أبشري قحطان
  / أرى نزوات بينهن تفاوت ... وللدهر أحداث وذا حدثان(١)
  أقيمي بني عمرو بن عوف أو اربعي ... لكل أناس دولة وزمان(٢)
  قال: وإنما خاطب بني عمرو بن عوف هاهنا لأن الكثيريّ كان تزوج إليهم، وإنما قال: «أبشري قحطان» لأن كثير بن الصلب من كندة حليف لقريش.
  قصته مع محبوبته مريم
  أخبرني أحمد بن عبيد اللَّه بن عمار قال: حدّثني علي بن سليمان النوفلي أحد بني نوفل بن عبد مناف قال:
  كان أبي يتعشّق جارية مولَّدة مغنّية لامرأة من أهل المدينة، ويقال للجارية مريم، فغاب غيبة إلى الشأم، ثم قدم فنزل في طرف المدينة، وحمل متاعه على حمّالين، وأقبل يريد منزله، وليس شيء أحبّ إليه من لقاء مريم، فبينا هو يمشي إذ هو بمولاة مريم قائمة على قارعتها(٣)، وعيناها تدمعان، فساءلها وساءلته، فقال للعجوز: ما هذه المصيبة الَّتي أصبت بها؟ قالت: لم أصب بشيء إلَّا مبيعي مريم، قال: وممّن بعتها؟ قالت: من رجل من أهل / العراق، وهو على الخروج، وإنما ذهبت بها حتى ودّعت أهلها، فهي تبكي من أجل ذلك، وأنا أبكي من أجل فراقها، قال:
  الساعة تخرج؟ قالت: نعم الساعة تخرج، فبقي(٤) متبلَّدا حائرا، ثم أرسل عينيه يبكي، وودّع مريم وانصرف، وقال قصيدته الَّتي أوّلها:
  خليليّ من سعد ألمّا فسلَّما ... على مريم، لا يبعد اللَّه مريما
  وقولا لها هذا الفراق عزمته ... فهل من نوال قبل ذاك فنعلما
  قال: وهي طويلة؛ وقد غنّى بعض أهل الحجاز في هذين البيتين غناء زيانبيا(٥). هكذا قال ابن عمّار في خبره.
  قصته في بيتين من شعره
  أخبرني الحسن بن علي الخفّاف قال: حدّثني ابن مهرويه قال: حدّثنا عبد اللَّه بن أبي سعد قال: حدّثني أبو العباس أحمد بن مالك اليمامي، عن عبد اللَّه بن محمّد البواب قال: سألت الخيزران(٦) موسى الهادي أن يولي خاله الغطريف اليمن، فوعدها بذلك ودافعها(٧) به، ثم كتبت إليه يوما رقعة تتنجّزه فيها أمره، فوجه إليها برسولها يقول:
(١) نزوات: جمع نزوة من نزا ينزو نزوا إذا وثب، قال ابن الأثير: وقد يكون في الأجسام والمعاني، وحدّثنا الدهر وأحداثه: حوادثه ونوبه.
(٢) ربع كمنع: انتظر وتحبس.
(٣) قارعتها، أي قارعة المدينة، وقارعة الطريق: أعلاه.
(٤) في الأصول «متلبدا» وهو تحريف.
(٥) نسبة إلى الزيانب، وهي اسم لسبعة أصوات ليونس الكاتب، والشعر فيها كلها لابن رهيمة المدني في زينب بنت عكرمة بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام (انظر أخبار يونس الكاتب في الجزء الرابع من «الأغاني» ص ٤٠٢ طبع دار الكتب).
(٦) الخيزران: أم موسى الهادي الخليفة العباسي.
(٧) ويقال: دافع فلان فلانا في حاجته إذا مطله فيها فلم يقضها له وفي الأصول: «ودفعها».