أخبار الأسود ونسبه
  خيّريه بين اليمن وطلاق ابنته، أو مقامي عليها ولا أولَّيه اليمن، فأيّهما فاختار فعلته، فدخل الرسول إليها - ولم يكن فهم عنه ما قال - فأخبرها بغيره، ثم خرج إليه فقال: تقول لك: ولاية اليمن، فغضب وطلَّق ابنته وولَّاه اليمن، ودخل الرسول فأعلمه بذلك، فارتفع الصياح / من داره، فقال: ما هذا؟ فقالوا: من دار بنت خالك، قال: أو لم تختر ذلك! قالوا: لا، ولكن الرسول لم يفهم ما قلت فأدّى غيره، وعجلت بطلاقها، ثم ندم ودعا صالحا صاحب المصلَّى وقال له: أقم على رأس كل رجل بحضرتي من النّدماء رجلا بسيف، فمن لم يطلَّق امرأته منهم فلتضرب عنقه، ففعل ذلك، ولم يبرح من حضرته أحد إلَّا وقد طلَّق امرأته، قال ابن البواب: وخرج الخدم إليّ فأخبروني بذلك وعلى الباب رجل واقف متلفّع بطيلسانه يراوح(١) بين رجليه، فخطر ببالي:
  خليليّ من سعد ألمّا فسلَّما ... على مريم، لا يبعد اللَّه مريما
  وقولا لها: هذا الفراق عزمته ... فهل من نوال قبل ذاك فنعلما
  / فأنشدته فيعلما بالياء، فقال لي: فنعلما بالنون، فقلت له: فما الفرق بينهما؟ فقال: إن المعاني تحسّن الشعر وتفسده، وإنما قال: «فنعلما» ليعلم هو القصة، وليس به حاجة إلى أن يعلم الناس سره، فقلت: أنا أعلم بالشعر منك، قال: فلمن هو؟ قلت: للأسود بن عمارة، قال: أو تعرفه؟ قلت: لا، قال: فأنا هو، فاعتذرت إليه من مراجعتي إياه، ثم عرّفته خبر الخليفة فيما فعله، فقال: أحسن اللَّه عزاءك، وانصرف وهو يقول: «هذا أحقّ منزل بترك»(٢).
  شعره في تولية أبي جعفر المدينة
  أخبرني الحرميّ بن أبي العلاء قال: حدّثنا الزبير بن بكَّار قال: كان محمّد بن عبيد اللَّه بن كثير بن الصّلت على شرطة المدينة، ثم ولى القضاء، ثم ولى القضاء، ثم ولاه أبو جعفر المدينة وعزل عبد الصمد بن علي، فقال الأسود بن عمارة:
  /
  ذكرتك شرطيا، فأصبحت قاضيا ... فصرت أميرا، أبشري قحطان(٣)
  أرى نزوات بينهنّ تفاوت ... وللدهر أحداث وذا حدثان
  أرى حدثا ميطان منقطع له ... ومنقطع من بعده ورقان(٤)
  أقيمي بني عمرو بن عوف أو اربعي ... لكلّ أناس دولة وزمان
  صوت
  شعر لعلي بن الخليل
  هل لدهر قد مضى من معاد ... أو لهمّ داخل من نفاد
(١) في س «يروح»؛ وهو تحريف. والمراوحة بين الرجلين: أن يقوم على كل مرة.
(٢) في ب، وس «ينزل»؛ وهو تحريف.
(٣) في ج «خفرتك» وفي ب وس «جفوتك». ولعل صوابه ما أثبتنا. وقد ذكر البيت قريبا وروايته «ذكرناك».
(٤) ميطان: من جبال المدينة، ضبطه صاحب «القاموس» فقال: كميزان، وكذا ضبط في «اللسان» بكسر الميم، وفي «معجم البلدان» بفتح أوّله، وفي ب، س «مبطان» بالباء وهو تصحيف. ورقان: جبل أسود على يمين المصعد من المدينة إلى مكة، ونسبه «معجم البلدان» إلى نوفل بن عمارة بن الوليد قال:
أرى حدثا ميطان منقلع به ... ومنقطع من دونه ورقان