كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار عبد الله بن الزبير ونسبه

صفحة 410 - الجزء 14

  أأن تلف المال التّلاد بحقّه ... تشمّس ليلى عن كلامي وتقطب⁣(⁣١)

  / عشية قالت والركاب مناخة ... بأكوارها مشدودة: أين تذهب؟⁣(⁣٢)

  أفي كل مصر نازح لك حاجة ... كذلك ما أمر الفتى المتشعّب⁣(⁣٣)

  فو اللَّه ما زالت تلبّث ناقتي ... وتقسم حتى كادت الشمس تغرب⁣(⁣٤)

  دعيني ما للموت عني دافع ... ولا للذي ولَّى من العيش مطلب

  إليك عبيد اللَّه تهوي ركابنا ... تعسّف مجهول الفلاة وتدأب⁣(⁣٥)

  وقد ضمرت حتّى كأنّ عيونها ... نطاف فلاة ماؤها متصبّب⁣(⁣٦)

  فقلت لها: لا تشتكي الأين إنه ... أمامك قرم من أمية مصعب⁣(⁣٧)

  إذا ذكروا فضل امرئ كان قبله ... ففضل عبيد اللَّه أثرى وأطيب⁣(⁣٨)

  وأنك لو يشفي بك القرح لم يعد ... وأنت على الأعداء ناب ومخلب⁣(⁣٩)

  تصافى عبيد اللَّه والمجد صفوة ال ... حليفين ما أرسى ثبير ويثرب⁣(⁣١٠)

  وأنت إلى الخيرات أوّل سابق ... فأبشر، فقد أدركت ما كنت تطلب

  / أعنّي بسجل من سجالك نافع ... ففي كل يوم قد سرى لك محلب⁣(⁣١١)

  فإنك لو إيّاي تطلب حاجة ... جرى لك أهل في المقال ومرحب⁣(⁣١٢)

  قال: فقال له عبيد اللَّه - وقد ضحك من هذا البيت الأخير -: فإني لا أطلب إليك حاجة، كم السّجل الَّذي يرويك؟

  قال: نوالك أيها الأمير يكفيني، فأمر له بعشرة آلاف درهم.

  شعره في صديقه


(١) التلاد: المال القديم. تشمس: تتشمس، أي تنفر وتعرض، من شمس الفرس، أي شرد، ومنه المتشمس، وهو الشديد القوي الَّذي يمنع ما وراء ظهره؛ والبخيل الَّذي لا ينال منه خير. قطب كضرب: زوى ما بين عينيه وعبس وكلح.

(٢) الأكوار: جمع كور بالضم، وهو الرجل بأداته.

(٣) نازح: بعيد. المتشعب: المتفرق. و «ما» زائدة.

(٤) في ج «وأقسم».

(٥) هوي كرمي: أسرع في السير. تعسف، أي تتعسف؛ تعسف الطريق: سار فيه على غير هداية. والفلاة: الصحراء. تدأب: تجدّ وتتعب.

(٦) نطاف: جمع نطفة بالضم، وهي الماء الصافي قل أو كثر.

(٧) الأين: الإعياء. القرم من الرجال: السيد المعظم، وأصله الفحل الَّذي يترك من الركوب والعمل ويودع للفحلة. ورجل مصعب:

مسوّد، وأصله بمعنى القرم، أي الفحل الَّذي لم يمسسه حبل ولم يركب.

(٨) أثرى: أفعل، من الثروة، أي أكثر.

(٩) القرح بالفتح وبضم: عض السلاح ونحوه مما يخرج بالبدن، أو بالفتح: الآثار، وبالضم: الألم؛ أراد به ما ينوبه من صروف الدهر.

(١٠) رسا وأرسى: ثبت. ثبير: جبل بظاهر مكة. يثرب: مدينة الرسول .

(١١) السجل: الدلو العظيمة مملوءة.

(١٢) لو إياي، أي لو إياي تقصد، جرى لك ... أي لقلت لك أهلا وسهلا ومرحبا. وقوله: «المقال»، ساقط من مط.