كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار عبد الله بن الزبير ونسبه

صفحة 420 - الجزء 14

  وقد فرّ عنه الملحدون وحلَّقت ... به وبمن آساه عنقاء مغرب⁣(⁣١)

  تولَّوا فخلَّوه فشال بشلوه ... طويل من الأجذاع عار مشذّب⁣(⁣٢)

  بكفّي غلام من ثقيف نمت به ... قريش وذو المجد التليد معتّب

  / فقال له عبد الملك: لا تقل غلام، ولكن همام، وكتب له إلى الحجاج بعشرة آلاف درهم أخرى؛ واللَّه أعلم.

  هجاؤه عبد اللَّه بن الزبير

  أخبرني أبو الحسن الأسديّ قال: حدّثنا حمّاد بن إسحاق، عن أبيه، عن الهيثم بن عديّ، عن مجالد قال:

  قتل ابن الزّبير من شيعة بني أميّة قوما بلغه أنهم يتجسّسون لعبد الملك، فقال فيه عبد اللَّه بن الزّبير في ذلك يهجوه ويعيّره بفعله:

  أيها العائذ في مكَّة كم ... من دم أهرقته في غير دم

  أيد عائذة معصمة ... ويد تقتل من حلّ الحرم!

  مدحه بشر بن مروان

  قال أبو الفرج: ونسخت من كتاب لإسحاق بن إبراهيم الموصليّ فيه إصلاحات بخطَّه، والكتاب بخط النضر بن حديد⁣(⁣٣) من أخبار عبد اللَّه بن الزبير وشعره، قال: دخل عبد اللَّه بن الزبير على بشر بن مروان وعليه ثياب كان بشر خلعها عليه، وكان قد بلغ بشرا عنه شيء يكرهه، فجفاه، فلما وصل إليه وقف بين يديه، وجعل يتأمل من حواليه من بني أميّة، ويجيل بصره فيهم كالمتعجّب من جمالهم وهيئتهم، فقال له بشر، إن نظرك يا بن الزّبير ليدلّ أن وراءه قولا؛ فقال: نعم؛ قال: قل؛ فقال:

  كأن بني أميّة حول بشر ... نجوم وسطها قمر منير

  هو الفرع المقدّم من قريش ... إذا أخذت مآخذها الأمور

  لقد عمت نوافله فأضحى ... غنيّا من نوافله الفقير⁣(⁣٤)

  جبرت مهيضنا وعدلت فينا ... فعاش البائش الكلّ الكسير⁣(⁣٥)

  فأنت الغيث قد علمت قريش ... لنا، والواكف الجون المطير⁣(⁣٦)

  / قال: فأمر له بخمسة آلاف درهم ورضي عنه، فقال ابن الزّبير:

  لبشر بن مروان على الناس نعمة ... تروح وتغدو لا يطاق ثوابها


(١) يقال: عنقاء مغرب ومغربة على الوصف وعنقاء مغرب بالإضافة، وهي الَّتي أغربت في البلاد فنأت ولم تحس ولم تر.

(٢) الشلو: الجسد. شال به: رفعه، أي أنه صلب على جذع طويل. والتشذيب: إصلاح الجذع.

(٣) في ط، مط «حبيب».

(٤) النوافل: جمع نافلة، وهي العطية.

(٥) هاض العظم: كسره بعد الجبور أو بعد ما كاد ينجبر فهو مهيض. الكل: من كان عيالا وثقلا على صاحبه. وفي ب، ج «الفقير».

(٦) وكف الماء: سال. الجون: يطلق على الأسود والأبيض، وهو هنا الأسود أي السحاب الكثيف المتراكم.