كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار عبد الله بن الزبير ونسبه

صفحة 419 - الجزء 14

  مدح ابن أم الحكم فلم يعطه فهجاه

  أخبرني الحرمي بن أبي العلاء قال: حدّثنا الزبير بن بكَّار قال: حدّثني عمي قال: [لما]⁣(⁣١) ولي عبد الرحمن ابن أم الحكم الكوفة، مدحه عبد اللَّه بن الزّبير، فلم يثبه، وكان قدم في هيئة رثّة، فلما اكتسب وأثرى بالكوفة تاه وتجبّر، فقال ابن الزّبير فيه:

  تبقّلت لما أن أتيت بلادكم ... وفي مصرنا أنت الهمام القلمّس⁣(⁣٢)

  ألست ببغل أمّه عربية ... أبوك حمار أدبر الظهر ينخس⁣(⁣٣)

  قال: وكان بنو أمية إذا رأوا عبد الرحمن يلقّبونه البغل، وغلبت عليه حتى كان يشتم من ذكر بغلا، يظنّه يعرّض به.

  شعره في مقتل عبد اللَّه بن الزبير

  أخبرني عمي قال: حدّثنا الكرانيّ عن العمري عن العتبي قال: لمّا قتل عبد اللَّه بن الزّبير صلب الحجّاج⁣(⁣٤) جسده، وبعث برأسه إلى عبد الملك، فجلس على سريره وأذن للناس فدخلوا عليه، فقام عبد اللَّه بن الزّبير الأسدي فاستأذنه في الكلام، فقال له: تكلَّم ولا تقل إلَّا خيرا، وتوخّ الحقّ فيما تقوله، فأنشأ يقول:

  /

  مشى ابن الزبير القهقرى فتقدمت ... أميّة حتّى أحرزوا القصبات

  وجئت المجلَّي يا بن مروان سابقا ... أمام قريش تنفض العذرات⁣(⁣٥)

  فلا زلت سبّاقا إلى كل غاية ... من المجد نجّاء من الغمرات⁣(⁣٦)

  قال: فقال له: أحسنت فسل حاجتك: فقال له: أنت أعلى عينا بها وأرحب صدرا يا أمير المؤمنين؛ فأمر له بعشرين ألف درهم وكسوة، ثم قال له: كيف قلت؟ فذهب يعيد هذه الأبيات، فقال: لا، ولكن أبياتك في المحلّ⁣(⁣٧) فيّ وفي الحجّاج الَّتي قلتها: فأنشده:

  شعره في المحل وفي الحجاج

  كأني بعبد اللَّه يركب ردعه ... وفيه سنان زاعبيّ محرّب⁣(⁣٨)


(١) عن ط ومط.

(٢) القلمس: البحر، والرجل الخير المعطاء، والسيد العظيم، والرجل الداهية المنكر البعيد الغور. تبقل: خرج يطلب البقل.

(٣) أدبر: وصف من الدبر بالتحريك وهو الجرح الَّذي يكون في ظهر الدابة.

(٤) في ط ومط: «جسمه».

(٥) في الأصل: «المعلي، وإنما هو» المجلي «: السابق من الخيل. والعذرة: الناصية، وقيل هي الخصلة من الشعر، وعرف الفرس وناصيته.

(٦) الغمرات: جمع غمرة: وهي الشدة، ومن أمثالهم «غمرات ثم ينجلين». وفي ب، س «إلى المجد» وهو تحريف والتصويب عن ط، مط.

(٧) كان عبد اللَّه بن الزبير يدعى المحل، لإحلاله القتال في الحرم، وفي ذلك يقول رجل في رملة بنت الزبير:

ألا من القلب معنى غزل ... بذكر المحلة أخت المحل

- «الكامل» للمبرد ٢: ٥٩٨ طبع أوروبا.

(٨) يقال للقتيل: ركب ردعه: إذا خر لوجهه على دمه. زاعبي: في ط، ج، وفي ب «زاغبي» وهو تصحيف، وزاعب بلد أو رجل ومنه الرماح الزاعبية أو هي الَّتي إذا هزت كأن كعوبها يجري بعضها في بعض. وحرب السنان: حدّده.