أخبار عبد الله بن الزبير ونسبه
  مدح ابن أم الحكم فلم يعطه فهجاه
  أخبرني الحرمي بن أبي العلاء قال: حدّثنا الزبير بن بكَّار قال: حدّثني عمي قال: [لما](١) ولي عبد الرحمن ابن أم الحكم الكوفة، مدحه عبد اللَّه بن الزّبير، فلم يثبه، وكان قدم في هيئة رثّة، فلما اكتسب وأثرى بالكوفة تاه وتجبّر، فقال ابن الزّبير فيه:
  تبقّلت لما أن أتيت بلادكم ... وفي مصرنا أنت الهمام القلمّس(٢)
  ألست ببغل أمّه عربية ... أبوك حمار أدبر الظهر ينخس(٣)
  قال: وكان بنو أمية إذا رأوا عبد الرحمن يلقّبونه البغل، وغلبت عليه حتى كان يشتم من ذكر بغلا، يظنّه يعرّض به.
  شعره في مقتل عبد اللَّه بن الزبير
  أخبرني عمي قال: حدّثنا الكرانيّ عن العمري عن العتبي قال: لمّا قتل عبد اللَّه بن الزّبير صلب الحجّاج(٤) جسده، وبعث برأسه إلى عبد الملك، فجلس على سريره وأذن للناس فدخلوا عليه، فقام عبد اللَّه بن الزّبير الأسدي فاستأذنه في الكلام، فقال له: تكلَّم ولا تقل إلَّا خيرا، وتوخّ الحقّ فيما تقوله، فأنشأ يقول:
  /
  مشى ابن الزبير القهقرى فتقدمت ... أميّة حتّى أحرزوا القصبات
  وجئت المجلَّي يا بن مروان سابقا ... أمام قريش تنفض العذرات(٥)
  فلا زلت سبّاقا إلى كل غاية ... من المجد نجّاء من الغمرات(٦)
  قال: فقال له: أحسنت فسل حاجتك: فقال له: أنت أعلى عينا بها وأرحب صدرا يا أمير المؤمنين؛ فأمر له بعشرين ألف درهم وكسوة، ثم قال له: كيف قلت؟ فذهب يعيد هذه الأبيات، فقال: لا، ولكن أبياتك في المحلّ(٧) فيّ وفي الحجّاج الَّتي قلتها: فأنشده:
  شعره في المحل وفي الحجاج
  كأني بعبد اللَّه يركب ردعه ... وفيه سنان زاعبيّ محرّب(٨)
(١) عن ط ومط.
(٢) القلمس: البحر، والرجل الخير المعطاء، والسيد العظيم، والرجل الداهية المنكر البعيد الغور. تبقل: خرج يطلب البقل.
(٣) أدبر: وصف من الدبر بالتحريك وهو الجرح الَّذي يكون في ظهر الدابة.
(٤) في ط ومط: «جسمه».
(٥) في الأصل: «المعلي، وإنما هو» المجلي «: السابق من الخيل. والعذرة: الناصية، وقيل هي الخصلة من الشعر، وعرف الفرس وناصيته.
(٦) الغمرات: جمع غمرة: وهي الشدة، ومن أمثالهم «غمرات ثم ينجلين». وفي ب، س «إلى المجد» وهو تحريف والتصويب عن ط، مط.
(٧) كان عبد اللَّه بن الزبير يدعى المحل، لإحلاله القتال في الحرم، وفي ذلك يقول رجل في رملة بنت الزبير:
ألا من القلب معنى غزل ... بذكر المحلة أخت المحل
- «الكامل» للمبرد ٢: ٥٩٨ طبع أوروبا.
(٨) يقال للقتيل: ركب ردعه: إذا خر لوجهه على دمه. زاعبي: في ط، ج، وفي ب «زاغبي» وهو تصحيف، وزاعب بلد أو رجل ومنه الرماح الزاعبية أو هي الَّتي إذا هزت كأن كعوبها يجري بعضها في بعض. وحرب السنان: حدّده.