كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار ثابت قطنة

صفحة 435 - الجزء 14

  /

  كذبت فزيّفت عقد النكاح ... لمتّك بالنّسب الكاذب⁣(⁣١)

  فلا تخطبن بعدها حرّة ... فتثنى بوسم على الشارب⁣(⁣٢)

  هجاؤه لقتيبة بن مسلم

  قال أبو الفرج: ونسخت من هذا الكتاب قال: كان لثابت قطنة راوية يقال له النضر، فهجا ثابت قطنة قتيبة بن مسلم وقومه، وغيّرهم بهزيمة انهزموها عن التّرك، فقال:

  توافت تميم في الطَّعان وعرّدت ... بهيلة لمّا عاينت معشرا غلبا⁣(⁣٣)

  كماة كفاة يرهب الناس حدّهم ... إذا ما مشوا في الحرب تحسبهم نكبا⁣(⁣٤)

  تسامون كعبا في العلا وكلابها ... وهيهات أن تلقوا كلابا ولا كعبا

  قال: فأفشى عليه راويته ما قاله، فقال ثابت فيه وقد كان استكتمه هذه الأبيات:

  يا ليت لي بأخي نضر أخا ثقة ... لا أرهب الشرّ منه غاب أم شهدا

  / أصبحت منك على أسباب مهلكة ... وزلَّة خائفا منك الردى أبدا⁣(⁣٥)

  ما كنت إلا كذئب السّوء عارضه ... أخوه يدمى ففرّى جلده قددا

  / أو كابن آدم خلَّى عن أخيه وقد ... أدمى حشاه ولم يبسط إليه يدا⁣(⁣٦)

  أهم بالصّرف أحيانا فيمنعني ... حيّا ربيعة والعقد الَّذي عقدا


= عن أمه) وإياك وبنات الأحرار، فقال له: يا صاحب، أنا يسار الكواعب، واللَّه ما رأتني حرّة إلا عشقتني، فلما أمسى قال لصاحبه:

احفظ عليّ الإبل حتى أنصرف وأعود إليك، فنهاه فلم ينته، حتى دخل على امرأة مولاه يراودها عن نفسها، فقالت له: مكانك، فإن للحرائر طيبا أشمك إياه، فقال: هاتيه، فأتته بطيب وموسى قاطعة، فأشمته الطيب ثم انحنت بالموسى على أنفه فقطعته، وقيل: وضعت تحته بخورا وقطعت مذاكيره، فصاح، فقالت: صبرا على مجامر الكرام، ثم خرج هاربا حتى أتى صاحبه ودمه يسيل فضرب به المثل - انظر «سرح العيون شرح رسالة ابن زيدون» لابن نباتة المصري ص ٢٧٠.

وفي «مجمع الأمثال» للميداني ٢: ٢٤٨ أنه كان لمولى يسار بنت، فمرّت يوما بإبله وهي ترتع في روض معشب، فجاء يساء بعلبة لبن فسقاها، وكان أفحج الرجلين، فنظرت إلى فحجه فتبسمت ثم شربت وجزته خيرا، فانطلق فرحا حتى أتى عبدا كان يراعيه، وقص عليه القصة وقال: دخلت إليّ دخلة لا أخيبها (يقول: ضحكت ضحكة) ثم قام إلى علبة فملأها وأتى بها ابنة مولاه ...

فوضعت البخور تحته وتطأطأت كأنها تصلح البخور وأخذت مذاكيره وقطعتها بالموسى، قال الفرزدق يخاطب جريرا:

وإني لأخشى إن خطبت إليهم ... عليك الَّذي لاقى يسار الكواعب

(١) المت: التوسل بقرابة.

(٢) تثنى: ترد. والوسم: أثر الكيّ.

(٣) كذا في ج، ط، مط. وعرّدت: هربت. وبهيلة: تصغير باهلة: قوم قتيبة تصغير ترخيم؛ ويؤيد ذلك قوله: «فهجا ثابت قطنة قتيبة بن مسلم وقومه». غلب: جمع أغلب، وهو الغليظ الرقبة.

(٤) نكبا: جمع نكباء وهي كل ريح من الرياح الأربع، انحرفت ووقعت بين ريحين، وهي تهلك المال وتحبس القطر، والنكب من الرياح أربع: نكباء الصبا والجنوب، ونكباء الصبا والشمال، ونكباء الشمال والدبور، ونكباء الجنوب والدبور.

(٥) رواية ط، مط:

وزلة خائفا من شرها أبدا

(٦) يشير إلى ابني آدم قابيل وهابيل، إذ قربا قربانا إلى اللَّه وهو زرع لقابيل وكبش لهابيل، فتقبل من هابيل، فنزلت نار من السماء فأكلت قربانه ولم يتقبل من قابيل، فغضب وقتل أخاه.