كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار العباس بن مرداس ونسبه

صفحة 454 - الجزء 14

٢٠ - أخبار العباس بن مرداس ونسبه

  نسبه

  العباس بن مرداس بن أبي عامر بن حارثة بن عبد قيس بن رفاعة بن بهثة بن سليم بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان بن مضر بن نزار، ويكنى أبا الهيثم، وإيّاه يعني أخوه سراقة بقوله يرثيه:

  أعين ألا أبكي أبا الهيثم ... وأذري الدموع ولا تسأمي⁣(⁣١)

  وهي أبيات تذكر في أخباره، وأمّه الخنساء الشاعرة بنت عمرو بن الشّريد، وكان العباس فارسا شاعرا شديد العارضة⁣(⁣٢) والبيان، سيّدا في قومه من كلا طرفيه، وهو مخضرم أدرك / الجاهليّة والإسلام، ووفد إلى النبيّ ، فلما أعطى المؤلَّفة قلوبهم فضّل عليه عيينة بن حصن والأقرع بن حابس، فقام وأنشده شعرا قاله في ذلك، فأمر بلالا فأعطاه حتى رضي، وخبره في ذلك يأتي بعد هذا الموضع؛ واللَّه أعلم.

  خبره مع صنم كان لهم

  أخبرني محمّد بن جرير الطبريّ قال: حدّثنا محمّد بن حميد قال: حدّثنا سلمة بن الفضل، عن محمّد بن إسحاق عن منصور بن المعتمر، عن قبيصة، عن عمرو والخزاعيّ عن العبّاس بن مرداس بن أبي عامر أنه قال: كان لأبي صنم اسمه ضمار⁣(⁣٣)، فلمّا حضره الموت أوصاني به وبعبادته والقيام عليه، فعمدت إلى ذلك الصنم فجعلته في بيت، وجعلت آتيه في كلّ يوم وليلة مرّة، فلما ظهر أمر رسول اللَّه سمعت صوتا في جوف الليل راعني، فوثبت إلى ضمار، فإذا الصّوت في جوفه يقول:

  /

  قل للقبائل من سليم كلَّها ... هلك الأنيس وعاش أهل المسجد

  إن الَّذي ورث النبوّة والهدى ... بعد ابن مريم من قريش مهتدي

  أودى الضّمار وكان يعبد مرّة ... قبل الكتاب إلى النبيّ محمّد

  قال: فكتمت الناس ذلك، فلم أحدّث به أحدا حتى انقضت غزوة الأحزاب، فبينا أنا في إبلي في طرف العقيق وأنا نائم، إذ سمعت صوتا شديدا، فرفعت رأسي فإذا أنا برجل على حيالي⁣(⁣٤) بعمامة يقول: إن النور الَّذي وقع بين الاثنين وليلة الثلاثاء، مع صاحب الناقة العضباء⁣(⁣٥)، في ديار بني أخي العنقاء⁣(⁣٦)، فأجابه طائف عن شماله


(١) في ج «أعين لا أبكي على الهيثم» وهو تحريف. والتصويب عما ورد بآخر الترجمة.

(٢) العارضة: القدرة على الكلام؛ والرأي الجيد.

(٣) ضمار: صنم عبده العباس بن مرداس ورهطه. وفي ب، س ج «ضماد»، وهو تصحيف. والتصويب عن ها.

(٤) يقال: وقف حياله وبحياله: بإزائه.

(٥) العضباء: اسم ناقة النبي .

(٦) العنقاء: لقب ثعلبة بن عمرو مزيقياء بن عامر ماء السماء، قال حسان:

ولدنا بني العنقاء وابني محرق فأكرم بنا خالا وأكرم بنا ابنما.