كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار حماد عجرد ونسبه

صفحة 467 - الجزء 14

  إن دهرا ركبت فيه على بغ ... ل وأوقفته بباب الأمير

  لجدير ألَّا نرى فيه خيرا ... لصغير منّا ولا لكبير

  ما امرؤ ينتقيك يا عقدة الكل ... ب لأسراره بجدّ بصير⁣(⁣١)

  لا ولا مجلس أجنّك للَّا ... ذّات يا عجرد الخنا بستير⁣(⁣٢)

  يعني بهذا القول محمّد بن أبي العبّاس السفّاح، وكان عجرد في ندمائه، فبلغ هذا الشعر أبا جعفر، فقال لمحمد:

  مالي ولعجرد يدخل عليك؟ لا يبلغني أنّك أذنت له، فقال: وعجرد مأخوذ من المعجرد، وهو العريان في الَّلغة، يقال: تعجرد الرجل إذا تعرّى فهو يتعجرد تعجردا: وعجردت الرجل أعجرده عجردة إذا عرّيته.

  الحمادون الثلاثة

  أخبرني إسماعيل بن يونس قال: حدّثنا عمر بن شبّة، وأخبرني إبراهيم بن أيّوب عن ابن قتيبة، ونسخت من كتاب عبد اللَّه بن المعتز، حدّثني الثقفيّ عن إبراهيم بن عمر العامريّ قال: كان بالكوفة ثلاثة نفر يقال لهم الحمّادون: حمّاد عجرد وحمّاد الراوية، وحمّاد [بن]⁣(⁣٣) الزّبرقان، يتنادمون على الشراب، ويتناشدون الأشعار ويتعاشرون معاشرة جميلة، وكانوا كأنهم نفس واحدة، يرمون بالزندقة جميعا وأشهرهم بها حمّاد عجرد.

  / أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحيّ أبو خليفة إجازة عن التوّزيّ⁣(⁣٤): أن حمادا لقّب بعجرد لأن أعرابيا مرّ به في يوم شديد البرد وهو عريان / يلعب مع الصّبيان فقال له: تعجردت يا غلام؛ فسمّي عجردا.

  قال أبو خليفة: المتعجرد: المتعرّي؛ والعجرد أيضا: الذهب.

  سبب مهاجاة بشار

  أخبرني أحمد بن يحيى بن علي بن يحيى، عن علي بن مهدي، عن عبد اللَّه بن عطية، عن عبّاد بن الممزّق، وأخبرني أحمد بن عبد العزيز الجوهريّ، قال: حدّثنا عمر بن شبة قال: كان السبب في مهاجاة حمّاد عجرد بشّارا أنّ حمّادا كان نديما لنافع بن عقبة، فسأله بشّار تنجّز حاجة له من نافع، فأبطأ عنها، فقال بشار فيه:

  مواعيد حمّاد سماء مخيلة ... تكشّف عن رعد ولكن ستبرق⁣(⁣٥)

  إذا جئته يوما أحال على غد ... كما وعد الكمّون ما ليس يصدق⁣(⁣٦)

  وفي نافع عنّي جفاء، وإنّني ... لأطرق أحيانا، وذو اللَّبّ يطرق


(١) عقدة الكلب: قضيبه.

(٢) أجنك: سترك. الخنا: الفحش. ستير: مستور.

(٣) كذا في ط، مط، ها، مب. وقد سقطت هذه الكلمة من ب، س، ج.

(٤) كذا في ط، مط، ها. وهو الصواب. والَّذي في ب، س، ج: الثوري؛ وهو تصحيف.

(٥) السحابة المخيلة: الَّتي تحسبها ماطرة.

(٦) يعني أنه كلما تطلب السعي تمهل وسوّف وقال: غدا غدا، وهذا المعنى وارد في كلامهم، من ذلك قول القائل:

لا تجعلنّا ككمّون بمزرعة ... إن فاته الماء أروته المواعيد

«المحاسن والأضداد» ص ٧٠.