كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار حماد عجرد ونسبه

صفحة 468 - الجزء 14

  وللنّقرى قوم فلو كنت منهم ... دعيت ولكن دوني الباب مغلق⁣(⁣١)

  / أبا عمر خلَّفت خلفك حاجتي ... وحاجة غيري بين عينيك تبرق

  وما زلت أستأنيك حتى حسرتني ... بوعد كجاري الآل يخفى ويخفق⁣(⁣٢)

  قال: فغضب حمّاد وأنشد نافعا الشّعر، فمنعه من «صلة»⁣(⁣٣) بشّار، فقال بشّار:

  أبا عمر ما في طلابيك حاجة ... ولا في الَّذي منّيتنا ثمّ أصحرا

  وعدت فلم تصدق وقلت غدا غدا ... كما وعد الكمّون شربا مؤخّرا

  قال: فكان ذلك السبب في التّهاجي بين بشّار وحمّاد.

  كان من كبار الزنادقة

  أخبرني أحمد بن عبيد اللَّه بن عمّار قال: حدّثني أبو إسحاق الطَّلحيّ قال: حدّثني أبو سهبل قال: حدّثني أبو نواس قال: كنت أتوهّم أن حمّاد عجرد إنما رمي بالزندقة لمجونه في شعره، حتى حبست في حبس الزّنادقة، فإذا حمّاد عجرد إمام من أئمّتهم، وإذا له شعر مزاوج بيتين بيتين يقرؤن به في صلاتهم، قال: وكان له صاحب يقال له حريث⁣(⁣٤) على مذهبه، وله يقول بشّار حين مات حمّاد عجرد على سبيل التعزية له:

  بكى حريث فوقّره بتعزية ... مات ابن نهيا وقد كانا شريكين

  تفاوضا حين شابا في نسائهما ... وحلَّلا كلّ شيء بين رجلين⁣(⁣٥)

  / أمسى حريث بما سدّى له غيرا ... كراكب اثنين يرجو قوّة اثنين⁣(⁣٦)

  حتى إذا أخذا في غير وجههما ... تفرّقا وهوى بين الطَّريقين

  يعني أنه كان يقول بقول الثّنويّة⁣(⁣٧) في عبادة اثنين، فتفرّقا وبقي بينهما حائرا، قال: وفي حمّاد يقول بشّار أيضا وينسبه إلى أنّه ابن نهيا⁣(⁣٨):

  يا بن نهيا رأس عليّ ثقيل ... واحتمال الرؤوس خطب جليل

  ادع غيري إلى عبادة الاثني ... ن فإنّي بواحد مشغول


(١) في ب، س «وللنقدي» وهو تحريف. يقال: دعاهم النقري، أي دعوة خاصة، وهو أن يدعو بعضا دون بعض ينقّر باسم الواحد بعد الواحد.

(٢) استأني به: انتظر به ولم يعجله. حسره: كشفه. الآل: السراب، وقيل: الآل هو الَّذي يكون ضحى كالماء بين السماء والأرض، وأما السراب فهو الَّذي يكون نصف النهار لاطئا بالأرض كأنه ماء جار.

(٣) هذه الكلمة ساقطة من الأصول، وهي مثبتة في «مختار الأغاني» ص ٤١٥.

(٤) في ب، س، ج «حريب» وهو تصحيف؛ والتصويب عن ط، مط، مب، ها. وأراد هاهنا: حريث بن أبي الصلت الحنفي كما سيأتي بعد.

(٥) التفاوض والمفاوضة: الاشتراك في كل شيء.

(٦) كذا في ط، مط، ج، مب. والَّذي في ب، س «أسدى له عندا» وفي ها «غمرا».

(٧) الثنوية: فرقة يقولون باثنينية الإله، أي إله الخير وإله الشر.

(٨) كذا في ط، مط، مب، ها. وهو يوافق ما ورد في «أمالي المرتضى». والَّذي في ج، ب، س «نهبا» بالباء؛ وهو تصحيف.