نسب الخنساء وخبرها وخبر مقتل أخويها صخر ومعاوية
  ولو أصبحت في جشم هديّا ... إذا أصبحت في دنس وفقر(١)
  وهذا الشعر(٢) ترثي به أخاها صخرا وقتله زيد بن ثور الأسدي يوم ذي الأثل.
  مقتل أخيها صخر:
  أخبرنا بالسبب في ذلك محمد بن الحسن بن دريد، عن أبي حاتم، عن أبي عبيدة، وأضفت إليه رواية الأثرم عن أبي عبيدة قال:
  غزا صخر بن عمرو، وأنس بن عبّاس الرّعليّ في بني سليم، بني أسد بن خزيمة(٣)، - قال أبو عبيدة: وزعم السّلمي أنّ هذا اليوم يقال له يوم الكلاب ويوم ذي الأثل - في بني عوف وبني خفاف، وكانا متساندين، وعلى بني خفاف صخر بن عمرو الشّريديّ، وعلى بني عوف أنس بن عبّاس. قال: فأصابوا في بني أسد بن خزيمة غنائم وسبيا، وأخذ صخر يومئذ بديلة امرأة(٤). قال: وأصابت صخرا يومئذ طعنة، طعنه رجل يقال له ربيعة بن ثور، ويكنى أبا ثور، فأدخل جوفه حلقا من الدّرع فاندمل عليه حتّى شقّ عنه بعد سنين، وكان سبب موته.
  قال أبو عبيدة: وقال غيره: بل ورد هو وبلعاء بن قيس الكناني. قال: / وكانا أجمل رجلين في العرب. قال:
  فشربا عند يهوديّ خمار كان بالمدينة. قال: / فحسدهما لما رأى من جمالهما وهيأتهما، وقال: إنّي لأحسد العرب أن يكون فيهم مثل هذين! فسقاهما شربة جويا منها(٥). قال: فمرّ بصخر طبيب بعد ما طال مرضه، فأراه ما به، فقال: أشقّ عنك(٦) فتفيق. قال: فعمد إلى شفار فجعل يحميها ثم يشقّ بها(٧) عنه، فلم ينشب أن مات.
  قال أبو عبيدة: وأمّا أبو بلال بن سهم فإنّه قال: اكتسح صخر أموال بني أسد وسبى نساءهم، فأتاهم الصّريح فتبعوه فتلاحقوا بذات الأثل، فاقتتلوا قتالا شديدا، فطعن ربيعة بن ثور الأسديّ صخرا في جنبه، وفات القوم فلم يقعص(٨) وجوي منها، ومرض قريبا من حول، حتّى ملَّه أهله. قال: فسمع صخر امرأة وهي تسأل سلمى امرأة صخر: كيف بعلك؟ فقالت سلمى: لا حيّ فيرجى، ولا ميت فينعى، لقينا منه الأمرّين! قال: وزعم آخر أنّ التي قالت هذه المقالة بديلة الأسديّة التي كان سباها من بني أسد فاتّخذها لنفسه. فأنشد هذا البيت:
  ألا تلكم عرسي بديلة أوجست ... فراقي وملَّت مضجعي ومكاني(٩)
  وأمّا أبو بلال بن سهم فزعم أنّ صخرا حين سمع مقالة سلمى امرأته قال:
(١) الهدي: العروس تهدى إلى بعلها.
(٢) يعني بذلك صوت الأغاني الذي سبق ترجمة الخنساء.
(٣) كذا على الصواب في ط، مب، مط. وفيما سواها: «بن أسد بن خزيمة».
(٤) هذا الأوفق من ط، مب، مط، ح. أي امرأة له. وفيما سواها: «امرأته».
(٥) الجوي، السل وتطاول المرض، أو داء يأخذ في الصدر.
(٦) ط، ح، مب، مط: «أسر عنك».
(٧) ط، ح: «ثم يسر بها». مب، مط: «يشربها».
(٨) قعصه وأقعصه: ضربه أو رماه فمات مكانه.
(٩) ما عدا ط، مب، مط: «أوحشت» تحريف.