نسب الخنساء وخبرها وخبر مقتل أخويها صخر ومعاوية
  قالت: ورأيت شيخا له ضفيرتان، فسمعته يقول لمعاوية: بأبي أنت أطلت الوقوف! قال: ذاك عبد العزّى زوج الخنساء أخت معاوية.
  قال: فنادى هاشم في قومه وخرج، وزعم المريّ(١) أنه لم يخرج إليهم إلا في مثل عدّتهم من بني مرّة. قال:
  فلم يشعر السّلميون حتّى طلعوا عليهم، فثاروا إليهم فلقوهم فقال لهم خفاف: لا تنازلوهم رجلا رجلا؛ فإنّ خيلهم تثبت للطَّراد وتحمل ثقل السلاح، وخيلكم قد أمنّها الغزو وأصابها الحفا(٢).
  / قال: فاقتتلوا ساعة وانفرد هاشم ودريد ابنا حرملة المريان لمعاوية، فاستطرد له أحدهما فشدّ عليه معاوية وشغله، واغترّه الآخر فطعنه فقتله. واختلفوا أيّهما استطرد له وأيهما قتله، وكانت بالذي استطرد له طعنة طعنه إياها معاوية. ويقال: هو هاشم. وقال آخرون: بل دريد أخو هاشم.
  شعر خفاف في ذلك:
  قال: وشدّ خفاف بن عمير بن الحارث / بن الشريد(٣) على مالك بن حمّار سيّد بني شمخ بن فزارة فقتله. وقال خفاف في ذلك وهو ابن ندبة، وهي أمة سوداء كانت سباها الحارث، بن الشريد حين أغار على بني الحارث بن كعب [فوهبها لابنه عمير فولدت له خفافا(٤). ويقال في ندبة إنّها ابنة الشيطان بن بنان، من بني الحارث بن كعب.
  فقال]:
  أقول له والرمح يأطر متنه ... تأمّل خفافا إنني أنا ذلكا(٥)
  وقفت له جلوى وقد خام صحبتي ... لأبني مجدا أو لأثأر هالكا(٦)
  لدن ذرّ قرن الشّمس حين رأيتهم ... سراعا على خيل تؤمّ المسالكا
  فلمّا رأيت القوم لا ودّ بينهم ... شريجين شتّى طالبا ومواشكا(٧)
  / تيممت كبش القوم حتّى عرفته ... وجانبت شبّان الرجال الصعالكا
  فجادت له يمنى يديّ بطعنة ... كست متنه من أسود اللون حالكا
  أنا الفارس الحامي الحقيقة والذي ... به أدرك الأبطال قدما كذلكا
  فإن ينج منها هاشم فبطعنة ... كسته نجيعا من دم الجوف صائكا
(١) ما عدا ط، ج، ها، مت: «وزعم أن المري».
(٢) هذه الكلمة ساقطة من ط، ج. وأمنها إمنانا: أضعفها وأعياها. وهذه رواية ط، ج، مب، وفي ها: «منها» ومعناه كالسابق. وفي سائر النسخ: «قد أنهكها».
(٣) بعد هذا في ط، ج، ها، مب: «وهو ابن ندبة وهي أمة سوداء كان سباها الحارث بن الشريد حين أغار على بني الحارث بن كعب فوهبها لابنه عمير فولدت له خفافا، فشد خفاف». وقد ورد صدر هذه العبارة إلى كلمة «كعب» في سائر النسخ في الموضع التالي، فأثبتها هناك، وجعلت بقيتها تكملة هناك.
(٤) التكملة إلى هنا من بقية العبارة التي وردت متقدمة في ط، ج، ط، ها، مب. وما بعدها جاء في أصله، وهو ط، ج، ها مباشرا لكلمة «بني الحارث بن كعب».
(٥) يأطره: يعطفه ويثنيه. وفعله من باب نصر وضرب.
(٦) جلوى: اسم فرسه. هذا ما في ها. وفي سائر النسخ: «علوي». خام: جبن. ط، ج: «نام».
(٧) شريجان: ضربان. المواشك: السريع.