نسب الخنساء وخبرها وخبر مقتل أخويها صخر ومعاوية
  أمره بهجائهم. فقيل: إن / السبب في ذلك كان تشبّب عبد الرحمن بن حسان برملة بنت معاوية، وقيل بل حمي لعبد الرحمن بن الحكم.
  تشبيب عبد الرحمن بن حسان برملة:
  أخبرني الجوهري قال: حدّثنا عمر بن شبّة قال: حدّثني أبو يحيى الزّهري قال: حدّثني ابن أبي زريق قال:
  شبّب عبد الرحمن بن حسان برملة بنت معاوية فقال:
  رمل هل تذكرين يوم غزال ... إذ قطعنا مسيرنا بالتّمنّي
  إذ تقولين عمرك اللَّه هل شي ... ء وإن جلّ سوف يسليك عنّي
  أم هل اطمعت منكم بابن حسّا ... ن كما قد أراك أطمعت منّي
  قال: فبلغ ذلك يزيد بن معاوية فغضب، فدخل على معاوية فقال: يا أمير المؤمنين، ألا ترى إلى هذا العلج من أهل يثرب، يتهكَّم بأعراضنا ويشبّب(١) بنسائنا؟ / قال: ومن هو؟ قال: عبد الرحمن بن حسّان، وأنشده ما قال، فقال: يا يزيد ليست العقوبة من أحد أقبح منها من ذوي القدرة، ولكن أمهل حتّى يقدم وفد الأنصار ثم ذكَّرني. قال: فلمّا قدموا أذكره به(٢)، فلما دخلوا عليه قال: يا عبد الرحمن، ألم يبلغني أنك تشبّب برملة بنت أمير المؤمنين؟ قال: بلى، ولو علمت أنّ أحدا أشرّف به شعري أشرف منها لذكرته. قال: وأين أنت عن أختها هند؟
  قال: وإنّ لها لأختا؟ قال: نعم. قال: وإنما أراد معاوية أن يشبّب بهما جميعا فيكذب نفسه. قال: فلم يرض يزيد ما كان من معاوية في ذلك: أن يشبّب بهما جميعا، فأرسل إلى كعب بن جعيل فقال: اهج الأنصار. فقال: أفرق من أمير المؤمنين(٣)؛ ولكن أدلَّك على الشاعر الكافر الماهر. قال: ومن هو؟ قال: الأخطل. قال: فدعا به فقال:
  اهج الأنصار. قال: أفرق من أمير المؤمنين! فقال: لا تخف شيئا؛ أنا لك بذلك. قال: فهجاهم فقال:
  هجاء الأخطل للأنصار:
  وإذا نسبت ابن الفريعة خلته ... كالجحش بين حمارة وحمار(٤)
  لعن الإله من اليهود عصابة ... بالجزع بين صليصل وصرار(٥)
  قوم إذا هدر العصير رأيتهم ... حمرا عيونهم من المصطار(٦)
  خلَّوا المكارم لستم من أهلها ... وخذوا مساحيكم بني النجّار(٧)
  / إنّ الفوارس يعلمون ظهوركم ... أولاد كلّ مقبّح أكَّار(٨)
(١) ما عدا ط، مب: «ويتشبب».
(٢) ما عدا ط، ها، مب: «ذكره به».
(٣) أفرق: أخاف؛ والفرق بالتحريك: الخوف.
(٤) يعني بذلك أبويه.
(٥) صليصل: تصغير صلصل، وهو موضع بنواحي المدينة. ومثله صرار بالكسر.
(٦) المصطار، بالضم: الخمر الحامضة، ويقال بالسين أيضا كما فيما عدا ط، ح، مب.
(٧) المساحي: جمع مسحاة، وهي المجرفة من حديد، هجاهم بأنهم أهل زراعة. ما عدا ط، ها، مب: «مسائحكم» محرّف.
(٨) الأكار: الحراث.