كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

نسب الخنساء وخبرها وخبر مقتل أخويها صخر ومعاوية

صفحة 76 - الجزء 15

  ذهبت قريش بالمكارم والعلا ... واللؤم تحت عمائم الأنصار

  فبلغ ذلك النعمان بن بشير فدخل على معاوية فحسر عن رأسه عمامته، وقال: يا أمير المؤمنين: أترى لؤما؟

  قال: لا بل أرى كرما وخيرا، ما ذاك؟ قال: زعم الأخطل أن اللؤم تحت عمائمنا. قال: أو فعل؟ قال: نعم. قال:

  لك لسانه. وكتب فيه أن يؤتى به. فلما أتي به سأل الرسول ليدخل إلى يزيد أوّلا، فأدخله عليه، فقال: هذا الذي كنت أخاف. قال: لا تخف شيئا. ودخل على معاوية فقال: علام أرسل إليّ هذا الرجل وهو يرمي من وراء جمرتنا؟ قال: هجا الأنصار. قال: ومن زعم ذلك؟ قال: النعمان بن بشير. قال: لا تقبل قوله عليه وهو يدّعي لنفسه، ولكن تدعوه بالبيّنة، فإن ثبّت⁣(⁣١) شيئا أخذته به له. فدعاه بالبينة فلم يأت بها، فخلَّى سبيله. فقال الأخطل:

  مدح الأخطل ليزيد:

  وإنّي غداة استعبرت أمّ مالك ... لراض من السّلطان أن يتهدّدا

  / ولولا يزيد ابن الملوك وسعيه ... تجلَّلت حدبارا من الشّرّ أنكدا⁣(⁣٢)

  فكم أنقذتني من خطوب حباله ... وخرساء لو يرمى بها الفيل بلَّدا⁣(⁣٣)

  ودافع عنّي يوم جلَّق غمرة ... وهمّا ينسّيني السّلاف المبرّدا⁣(⁣٤)

  وبات نجيّا في دمشق لحيّة ... إذا همّ لم ينم السليم فأقصدا⁣(⁣٥)

  / يخافته طورا وطورا إذا رأى ... من الوجه إقبالا ألحّ وأجهدا⁣(⁣٦)

  وأطفأت عنّي نار نعمان بعدما ... أعدّ لأمر فاجر وتجرّدا

  ولما رأى النّعمان دوني ابن حرّة ... طوى الكشح إذ لم يستطعني وعرّدا⁣(⁣٧)

  خبر آخر في تشبيب عبد الرحمن برملة:

  حدّثنا محمد بن العباس اليزيدي قال: حدثنا أحمد بن الحارث الخراز قال: حدّثنا المدائني عن أبي عبد الرحمن بن المبارك قال:

  شبّب عبد الرحمن بن حسّان بأخت معاوية، فغضب يزيد فدخل على معاوية فقال: يا أمير المؤمنين، اقتل عبد الرحمن بن حسّان. قال: ولم؟ قال: شبّب بعمّتي. قال: وما قال؟ قال قال:

  طال ليلي وبتّ كالمحزون ... ومللت الثّواء في جيرون


(١) ما عدا ط، ح، ها، مب: «أثبت».

(٢) في «الديوان» ٩٣: «وسيبه». الحدبار: الناقة التي بدا عظم ظهرها ونشزت حراقيفها.

(٣) أي من خرساء. والخرساء: الداهية. بلد: لصق بالأرض لما دهاه وحطمه.

(٤) الغمرة: الشدّة. وفي «الديوان»: «السلاف المهودا». وتهويد الشراب: إسكاره.

(٥) لحية، يعني معاوية. والسليم: الملدوغ. والإنماء: أن ترمي الصيد فتصيبه ويذهب عنك فيموت بعد ما يغيب. والإقصاد من الحية:

أن تلدغه فتقتله في الحال.

(٦) المخافتة: الهمس في الأذن. ما عدا ط، ها، مب: «يخافيه أطورا» تحريف.

(٧) ابن حرة، يعني يزيد. عرد: هرب. ما عدا ط، ح، ها، مب: «روى ابن مرة» تحريف.