نسب الخنساء وخبرها وخبر مقتل أخويها صخر ومعاوية
  ذهبت قريش بالمكارم والعلا ... واللؤم تحت عمائم الأنصار
  فبلغ ذلك النعمان بن بشير فدخل على معاوية فحسر عن رأسه عمامته، وقال: يا أمير المؤمنين: أترى لؤما؟
  قال: لا بل أرى كرما وخيرا، ما ذاك؟ قال: زعم الأخطل أن اللؤم تحت عمائمنا. قال: أو فعل؟ قال: نعم. قال:
  لك لسانه. وكتب فيه أن يؤتى به. فلما أتي به سأل الرسول ليدخل إلى يزيد أوّلا، فأدخله عليه، فقال: هذا الذي كنت أخاف. قال: لا تخف شيئا. ودخل على معاوية فقال: علام أرسل إليّ هذا الرجل وهو يرمي من وراء جمرتنا؟ قال: هجا الأنصار. قال: ومن زعم ذلك؟ قال: النعمان بن بشير. قال: لا تقبل قوله عليه وهو يدّعي لنفسه، ولكن تدعوه بالبيّنة، فإن ثبّت(١) شيئا أخذته به له. فدعاه بالبينة فلم يأت بها، فخلَّى سبيله. فقال الأخطل:
  مدح الأخطل ليزيد:
  وإنّي غداة استعبرت أمّ مالك ... لراض من السّلطان أن يتهدّدا
  / ولولا يزيد ابن الملوك وسعيه ... تجلَّلت حدبارا من الشّرّ أنكدا(٢)
  فكم أنقذتني من خطوب حباله ... وخرساء لو يرمى بها الفيل بلَّدا(٣)
  ودافع عنّي يوم جلَّق غمرة ... وهمّا ينسّيني السّلاف المبرّدا(٤)
  وبات نجيّا في دمشق لحيّة ... إذا همّ لم ينم السليم فأقصدا(٥)
  / يخافته طورا وطورا إذا رأى ... من الوجه إقبالا ألحّ وأجهدا(٦)
  وأطفأت عنّي نار نعمان بعدما ... أعدّ لأمر فاجر وتجرّدا
  ولما رأى النّعمان دوني ابن حرّة ... طوى الكشح إذ لم يستطعني وعرّدا(٧)
  خبر آخر في تشبيب عبد الرحمن برملة:
  حدّثنا محمد بن العباس اليزيدي قال: حدثنا أحمد بن الحارث الخراز قال: حدّثنا المدائني عن أبي عبد الرحمن بن المبارك قال:
  شبّب عبد الرحمن بن حسّان بأخت معاوية، فغضب يزيد فدخل على معاوية فقال: يا أمير المؤمنين، اقتل عبد الرحمن بن حسّان. قال: ولم؟ قال: شبّب بعمّتي. قال: وما قال؟ قال قال:
  طال ليلي وبتّ كالمحزون ... ومللت الثّواء في جيرون
(١) ما عدا ط، ح، ها، مب: «أثبت».
(٢) في «الديوان» ٩٣: «وسيبه». الحدبار: الناقة التي بدا عظم ظهرها ونشزت حراقيفها.
(٣) أي من خرساء. والخرساء: الداهية. بلد: لصق بالأرض لما دهاه وحطمه.
(٤) الغمرة: الشدّة. وفي «الديوان»: «السلاف المهودا». وتهويد الشراب: إسكاره.
(٥) لحية، يعني معاوية. والسليم: الملدوغ. والإنماء: أن ترمي الصيد فتصيبه ويذهب عنك فيموت بعد ما يغيب. والإقصاد من الحية:
أن تلدغه فتقتله في الحال.
(٦) المخافتة: الهمس في الأذن. ما عدا ط، ها، مب: «يخافيه أطورا» تحريف.
(٧) ابن حرة، يعني يزيد. عرد: هرب. ما عدا ط، ح، ها، مب: «روى ابن مرة» تحريف.