كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

نسب ابن الزبعري وأخباره وقصة غزوة أحد

صفحة 136 - الجزء 15

  لم أر مثله قطَّ. قال: ويلك ما تقول! قال: واللَّه ما أراك ترتحل حتّى ترى نواصي الخيل. قال: فو اللَّه لقد أجمعنا الكرة لنستأصل شأفتهم⁣(⁣١). قال: فإنّي أنهاك عن ذلك، فو اللَّه لقد حملني ما رأيت على أن قلت فيه أبياتا من شعر.

  قال: وماذا قلت؟ قال قلت:

  كادت تهدّ من الأصوات راحلتي ... إذ سالت الأرض بالجرد الأبابيل⁣(⁣٢)

  فظلت عدّوا أظنّ الأرض مائلة ... لمّا سموا برئيس غير مخذول

  فقلت ويل بن حرب من لقائكم ... إذا تغطمطت البطحاء بالجيل⁣(⁣٣)

  / إنّي نذير لأهل السّيل ضاحية ... لكلّ ذي إربة منهم ومعقول⁣(⁣٤)

  من جيش أحمد لا وخش تنابلة ... وليس يوصف ما أنذرت بالقيل⁣(⁣٥)

  / قال: فثنى ذلك أبا سفيان ومن معه، ومرّ به ركب من عبد القيس فقال: أين تريدون؟ قالوا: نريد المدينة.

  قال: فلم؟ قالوا: نريد الميرة. قال: فهل أنتم مبلغون عنّي محمدا رسالة أرسلكم بها إليه، وأحمّل لكم إبلكم هذه غدا زبيبا بعكاظ إذا وافيتموها؟ قالوا: نعم. قال: فإذا جئتموه فأخبروه أن قد أجمعنا السّير إليه وإلى أصحابه، لنستأصل شأفتهم. فمرّ الركب برسول اللَّه فأخبروه بالذي قال أبو سفيان، فقال رسول اللَّه وأصحابه: «حسبنا اللَّه ونعم الوكيل».

  صوت

  أمن ريحانة الداعي السّميع ... يؤرّقني وأصحابي هجوع

  براني حبّ من لا أستطيع ... ومن هو للذي أهوى منوع

  إذا لم تستطع شيئا فدعه ... وجاوزه إلى ما تستطيع

  الشعر لعمرو بن معديكرب الزبيدي، والغناء للهذلي، ثقيل أوّل بإطلاق الوتر في مجرى الوسطى، من رواية إسحاق. وفيه ثقيل أوّل على مذهب إسحاق من رواية عمرو بن بانة. وفيه لابن سريج رمل بالوسطى من رواية حمّاد عن أبيه.


(١) الطبري (٣: ٢٩): «لنستأصل بقيتهم».

(٢) تهد: يبلغ منها وتكسر. والجرد: جمع أجرد، وهو الفرس القصير الشعر. والأبابيل: الجماعات. وقوله: «سالت الأرض» هو من قوله:

أخذنا بأطراف الأحاديث بيننا ... وسالت بأعناق المطي الأباطح

(٣) تغطمطت: اضطربت. والجيل: الأمة، وكل صنف من الناس.

(٤) السيل: اسم من أسماء مكة، عن نصر. ما عدا ط، أ، مب: «السيل» وفي الطبري: «البسل» ضاحية، أي علانية. المعقول:

العقل.

(٥) الوخش: رذالة الناس وصغارهم. ما عدا ط، ١: «وحش» صوابه في سائر النسخ والطبري. والتنبل: الفصير.