نسب ابن الزبعري وأخباره وقصة غزوة أحد
  استئذان جابر بن عبد اللَّه في الخروج:
  وعن محمد بن إسحاق قال: حدّثني حسين بن عبد اللَّه عن عكرمة قال:
  كان يوم أحد يوم السبت للنصف من شوّال، فلما كان الغد من يوم أحد، وذلك يوم الأحد لستّ عشرة ليلة خلت من شوّال، أذّن مؤذّن رسول اللَّه ﷺ في الناس بطلب العدوّ، وأذّن مؤذّنه أن لا يخرجنّ معنا إلَّا من حضر يومنا بالأمس. فكلَّمه جابر بن عبد اللَّه [بن عمرو](١) بن حرام(٢) الأنصاري فقال: يا رسول / اللَّه، إنّ أبي كان خلَّفني / على أخوات لي سبع وقال لي: يا بنيّ، إنه لا ينبغي لي ولا لك أن نترك هؤلاء النسوة بلا رجل فيهن، ولست بالذي أوثرك بالجهاد مع رسول اللَّه ﷺ على نفسي، فتخلَّف على أخواتك. فتخلَّفت عليهنّ. فأذن له رسول اللَّه ﷺ فخرج معه، وإنّما خرج رسول اللَّه ﷺ مرهبا للعدو، وأنّهم خرجوا في طلبهم فيظنون أنّ بهم قوّة، وأن الذي أصابهم لم يوهنهم عن عدوّهم.
  خروج بعض الجرحى لمعاودة القتال:
  عن محمد بن إسحاق: قال فحدّثني عبد اللَّه بن خارجة(٣) بن زيد بن ثابت، عن أبي السائب مولى عائشة بنت عثمان بن عفان، أنّ رجلا من أصحاب رسول اللَّه ﷺ من بني عبد الأشهل كان شهد أحدا. قال: فشهدت رسول اللَّه ﷺ أنا وأخ لي، فرجعنا جريحين، فلما أذّن مؤذّن رسول اللَّه ﷺ بالخروج في طلب العدوّ قلت لأخي وقال لي:
  أتفوتنا غزوة مع رسول اللَّه ﷺ، واللَّه ما لنا من دابة نركبها، وما منّا إلا جريح ثقيل. فخرجنا مع رسول اللَّه ﷺ وكنت إيسر جرحا منه، فكنت إذا غلب عليه حملته عقبة(٤) حتى انتهينا إلى ما انتهى إليه المسلمون، فخرج إليه رسول اللَّه ﷺ حتّى انتهينا إلى حمراء الأسد، وهي من المدينة على ثمانية أميال، فأقام بها ثلاثا: الاثنين والثلاثاء والأربعاء، ثم رجع إلى المدينة.
  تخذيل معبد الخزاعي وهو مشرك لأبي سفيان:
  قال ابن إسحاق عن عبد اللَّه بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، أنه مرّ برسول اللَّه ﷺ معبد الخزاعي، وكان خزاعة مسلمهم ومشركهم / عيبة رسول اللَّه ﷺ(٥) لا يخفون عليه شيئا كان بها، ومعبد يومئذ مشرك، فقال:
  يا محمد لقد عزّ علينا ما أصابك في أصحابك، ولوددت أنّ اللَّه قد أعفاك منهم. ثم خرج من عند رسول اللَّه ﷺ بحمراء الأسد حتّى لقي أبا سفيان بن حرب بالرّوحاء ومن معه، وقد أجمعوا الرّجعة إلى رسول اللَّه ﷺ وقالوا:
  أصبنا جدّ(٦) أصحابه وقادتهم وأشرافهم، ثم رجعنا قبل أن نستأصلهم، لنكرّنّ على بقيّتهم فلنفرغنّ منهم! فلما رأى أبو سفيان معبدا قال: ما وراءك يا معبد؟ قال: محمد قد خرج في أصحابه يطلبكم في جمع لم أر مثله قطَّ يتحرّقون عليكم تحرّقا، قد اجتمع معه من كان تخلَّف عنه في يومكم، وندموا على ما صنعوا فيهم من الحنق عليكم، شيء
(١) التكملة من «الطبري» (٣: ٢٨) و «الإصابة» ١٠٢٢.
(٢) كذا على الصواب في ط، ها، مط، مب. وفي أ: «حزام» وفي سائر النسخ «حزم».
(٣) كذا على الصواب في ط، أ، ها، مط، مب. وفي ح «عبد اللَّه بن خارجة» أيضا لكن كتب فوقها «محمد» وفي سائر النسخ:
«محمد بن خارجة».
(٤) العقبة، بالضم: النوبة. الطبري: «حملته عقبة ومشى عقبة».
(٥) عيبة الرجل: موضع سره، على المثل.
(٦) ط، مط، مب: «حد» بالحاء المهملة.