كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

رجع الخبر إلى سياقة خبر عمرو

صفحة 153 - الجزء 15

  ثم أكبّ على بني مازن وهم غارّون⁣(⁣١) فقتلهم، وقال في ذلك شعرا:

  خذوا حققا مخطَّمة صفايا ... وكيدي يا مخزّم أن أكيدا⁣(⁣٢)

  قتلتم سادتي وتركتموني ... على أكتافكم عبئا جديدا⁣(⁣٣)

  [فمن يأبى من الأقوام نصرا ... ويتركنا فإنّا لن نريدا

  وأرادت بنو مازن أن تردّ عليهم الديّة لما آذنهم بحرب، فأبى عمرو، وكانت بنو مازن من أعداء مذحج، وكان عبد اللَّه أخا كبشة لأبيها وأمّها دون عمرو، وكان عمرو قد همّ بالكف عنهم حين قتل من قتل منهم، فركبت كبشة في نساء من قومها وتركت عمرا أخاها وعيّرته فأحمته، فأكبّ عليهم أيضا بالقتل، فلما أكثر فيهم القتل تفرّقوا، فلحقت بنو مازن بصاحبهم بتميم، ولحقت ناشرة بني أسد، وهم رهط الصقعب بن الصحصح، ولحقت فالج بسليم بن منصور. وفالج وناشرة ابنا أنمار بن مازن بن ربيعة بن منبّه بن صعب بن سعد العشيرة، وأمّهما هند بنت عدس بن زيد بن عبد اللَّه بن دارم. فقال كابية بن حرقوص بن مازن:

  /

  يا ليلتي ما ليلتي بالبلدة ... ردّت عليّ نجومها فارتدت

  من كان أسرع في تفرّق فالج ... فلبونه جربت معا وأغدّت

  هلَّا كناشرة الذي ضيّعتم ... كالغصن في غلوائه المتنبت]⁣(⁣٤)

  وقال عمرو في ذلك:

  تمنّت مازن جهلا خلاطي ... فذاقت مازن طعم الخلاط

  أطلت فراطكم عاما فعاما ... ودين المذحجيّ إلى فراط⁣(⁣٥)

  أطلت فراطكم حتّى إذا ما ... قتلت سراتكم كانت قطاط⁣(⁣٦)

  غدرتم غدرة وغدرت أخرى ... فما إن بيننا أبدا يعاط⁣(⁣٧)

  غناء إحدى الجواري ببيت من شعره

  أخبرني الحسين بن يحيى قال: قال حماد: قرأت على أبي قال المدائني:

  حدّثني رجل من قريش قال: كنا عند فلان القرشيّ فجاءه رجل بجارية فعنته:

  باللَّه يا ظبي بني الحارث ... هل من وفى بالعهد كالناكث


(١) غارون: في غرة وغفلة.

(٢) الحقق، بضمتين: جمع حق وحقة بالكسر فيهما، وهو من الإبل ما استكمل الثالثة ودخل في الرابعة. وفي «الأصول» ما عدا مط، مب: «حقا» وفيها ما عدا مب: «ما أكيدا».

(٣) كذا في ها، مب. وفي سائر النسخ: «سادتي عرضا فإني على أكتافكم عث».

(٤) التكملة من ها، مب.

(٥) أي أطلت إمهالكم والتأني بكم إلى أن قتلتكم.

(٦) قطاط، بوزن قطام، أي حسبي. وفي «اللسان» (قطط): «قالت قطاط».

(٧) يعاط: زجر في الحرب، وهي كلمة ينذر بها الرقيب أهله إذا رأى جيشا. يقول: ليس بيننا إنذار، إنما نفاجئ بالحرب مفاجأة. وفي «الأصول»: «تعاطى».