ذكر هاشم بن سليمان وبعض أخباره
  المسلمين ستّة آلاف، والراجل ألفين. فلما فرغوا رجعوا عودهم على بدئهم، وفي ذلك يقول عفيف:
  ألم تر أنّ اللَّه ذلَّل بحره ... وأنزل بالكفّار إحدى الجلائل
  دعونا الذي شقّ البحار فجاءنا ... بأعجب من شقّ البحار الأوائل(١)
  / وأقفل العلاء الناس(٢) إلَّا من أحبّ المقام، فاختار ثمامة بن أثال الذي نفّله العلاء خميصة الحطم حين نزل على ماء لبني قيس بن ثعلبة، فلمّا رأوه عرفوا الخميصة فبعثوا إليه رجلا فسألوه: أهو الذي قتل الحطم؟ قال: لا، ولوددت أنّى قتلته. قال: فأنّى لك حلَّته؟ قال: نفّلتها. قالوا: وهل ينفّل إلا القاتل. قال: إنها لم تكن عليه إنّما كانت في رحله. قالوا: كذبت. فقتلوه، وكان بهجر راهب فأسلم فقيل له: ما دعاك إلى الإسلام فقال: ثلاثة أشياء خشيت أن يمسخني اللَّه بعدها إن أنا لم أفعل: فيض في الرمال، وتمهيد أثباج البحور، ودعاء سمعته في عسكرهم في الهواء من السّحر. قالوا: وما هو؟ قال: «اللهمّ إنك أنت الرّحمن الرّحيم، لا إله غيرك، والبديع ليس قبلك شيء، والدائم غير الغافل، والحيّ الذي لا يموت، وخالق ما يرى وما لا يرى، وكلّ يوم أنت في شأن، وعلمت اللهم كلّ شيء بغير تعليم»(٣). فعلمت أنّ القوم لم يعاونوا بالملائكة إلَّا وهم على أمر اللَّه جلّ وعز.
  فلقد كان أصحاب رسول اللَّه ﷺ يسمعون هذا من ذلك الهجريّ بعد.
  صوت
  يا خليليّ من ملام دعاني ... وألمّا الغداة بالأظعان
  لا تلوما في آل زينب إنّ ال ... قلب رهن بآل زينب عان(٤)
  الشعر لعمر بن أبي ربيعة، والغناء للغريض، خفيف رمل بالبنصر. وهذا الشعر يقوله في زينب بنت موسى، أخت قدامة بن موسى الجمحيّ.
  عمر بن أبي ربيعة وزينب بنت موسى
  أخبرني حرمي بن أبي العلاء قال: حدّثنا الزّبير بن بكار قال: حدّثني عبد الملك بن عبد العزيز بن عبد اللَّه بن أبي سلمة، قال: حدّثني قدامة بن موسى قال:
  خرجت بأختي زينب بنت موسى إلى العمرة، فلما كنت بسرف(٥) لقيني عمر بن أبي ربيعة على فرس فسلَّم عليّ، فقلت: إنّي أراك متوجّها يا أبا الخطاب؟ قال: ذكرت لي امرأة من قومي برزة الجمال(٦)، فأردت الحديث معها. قلت: أما علمت أنّها أختي؟ قال: لا واللَّه. واستحيا وثنى عنق فرسه راجعا إلى مكة.
(١) في الطبري: «من فلق».
(٢) أقفلهم: أرجعهم. والقفول: الرجوع.
(٣) في الطبري: «تعلم».
(٤) العاني: الأسير.
(٥) سرف: موضع على ستة أميال من مكة.
(٦) برزة الجمال: بارزة المحاسن.