كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

ذكر عمرو بن بانة

صفحة 184 - الجزء 15

  الشعر لأبي العتاهية، والغناء لإبراهيم، رمل بالوسطى عن عمرو والهشامي وإبراهيم.

  وهذا الشعر يخاطب به أبو العتاهية عبد اللَّه، وزائدة بن معن بن زائدة الشيباني، وكان صديقا وخاصا بهما.

  غضب يزيد بن معن على أبي العتاهية

  ثم إنّ يزيد بن معن غضب لمولاة لهم يقال لها سعدى، وكان أبو العتاهية يشبّب بها، فضربه مائة سوط، فهجاه وهجا إخوته، ثم أصلح بينهم مندل بن عليّ العبدي، وهو مولى أبي العتاهية، فعاد إلى ما كان عليه لهم.

  فأخبرني وكيع قال: حدّثني حماد بن إسحاق عن أبيه. وأخبرني أحمد بن عبيد اللَّه بن عمار قال: حدّثني علي بن محمد النوفلي عن أبيه قالا: قول أبي العتاهية:

  يا خليليّ من بني شيبان

  يخاطب به عبد اللَّه ويزيد ابني معن بن زائدة، أو قال عبد اللَّه وزائدة.

  شعر أبي العتاهية في سعدى

  أخبرني ابن عمار قال: حدّثني زيد بن موسى بن حماد. وأخبرني محمد بن يحيى قال: حدّثني محمد بن سعيد. قال حدّثني أبو سويد عبد القوي بن محمد بن أبي العتاهية قال:

  كان أبو العتاهية في حداثته يهوى امرأة من أهل الحيرة نائحة⁣(⁣١)، لها حسن / وجمال ودماثة، وكان ممن يهواها أيضا عبد اللَّه بن معن بن زائدة أبو الفضل؛ وكانت مولاة لهم يقال لها سعدى، وكان أبو العتاهية مغرما بالنساء فقال فيها:

  ألا يا ذوات السحق في الغرب والشرق ... أفقن فإنّ النيك أشهى من السحق

  أفقن فإنّ الخبز بالأدم يشتهى ... وليس يسوغ الخبز بالخبر في الحلق

  أراكنّ ترقعن الخروق بمثلها ... وأيّ لبيب يرقع الخرق بالخرق

  وهل يصلح المراس إلَّا بعوده ... إذا احتيج منه ذات يوم إلى الدقّ

  قال وقال فيه أيضا:

  قلت للقلب إذ طوى وصل سعدى ... لهواه البعيدة الأنساب

  أنت مثل الذي يفرّ من القط ... ر حذار الندى إلى الميزاب

  قال محمد بن محمد في خبره: فغضب عبد اللَّه بن معن لسعدى⁣(⁣٢)، فضرب أبا العتاهية مائة فقال:

  جلدتني بكفّها ... بنت معن بن زائدة

  جلدتني بكفّها ... بأبي أنت جالده

  جلدتني وبالغت ... مائة غير واحده


(١) كذا في ها، مب. وفي س: «نافحة». وفي ج: «بامحة». وفي أ: «يافحة».

(٢) أ: «بسعدى» يقال غضب له، ولا يقال غضب به إلا للميت. أنشد في «اللسان» لدريد بن الصمة:

فإن تعقب الأيام والدهر فاعلموا ... بني قارب أنا غضاب بمعبد