كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار الحزين ونسبه

صفحة 228 - الجزء 15

  وأخبرنا علي بن سليمان الأخفش واليزيدي عن السكَّريّ عن محمد بن حبيب عن أبي عبيدة، وعن قتادة عن أبي عبيدة في كتاب «النقائض»، عن رؤبة بن العجاج قال:

  حجّ سليمان بن عبد الملك ومعه الشّعراء، وحججت معهم فمرّ بالمدينة منصرفا فأتي بأسرى من الرّوم نحو من أربعمائة⁣(⁣١)، فقعد سليمان وعنده عبد اللَّه بن الحسن / بن الحسن⁣(⁣٢) بن علي $، وعليه ثوبان ممصّران⁣(⁣٣)، وهو أقربهم منه مجلسا، فأدنوا إليه بطريقهم وهو في جامعة⁣(⁣٤)، فقال لعبد اللَّه بن الحسن: قم فاضرب عنقه. فقام فما أعطاه أحد سيفا حتّى دفع إليه حرسيّ سيفا كليلا، فضربه فأبان عنقه وذراعه، وأطنّ⁣(⁣٥) ساعده وبعض الغلّ. فقال له سليمان: اجلس فو اللَّه ما ضربته بسيفك ولكن بحسبك⁣(⁣٦). وجعل يدفع الأسرى إلى الوجوه [وإلى الناس]⁣(⁣٧) فيقتلونهم، حتّى دفع إلى جرير رجلا، فدسّت إليه بنو عبس سيفا قاطعا في قراب أبيض، فضربه فأبان رأسه، ودفع إلى الفرزدق أسيرا فدسّت إليه القيسية سيفا كليلا، فضرب به الأسير ضربات فلم يصنع شيئا، فضحك سليمان وضحك الناس معه.

  هذه رواية أبي عبيدة عن رؤبة.

  وأمّا سليمان بن أبي شيخ فإنّه ذكر في خبره أنّ سليمان لما دفع إليه الأسير دفع إليه سيفا وقال له: اقتله به.

  فقال: لا بل أضربه بسيف مجاشع، واخترط سيفه فضربه به فلم يغن شيئا، فقال له سليمان: أما واللَّه لقد بقي عليك عارها وشنارها! فقال جرير قصيدته التي يهجوه فيها، ومنها الصوت المذكور، وأوّلها قوله:

  ألا حيّ ربع المنزل المتقادم ... وما حلّ مذ حلَّت به أمّ سالم

  وهي طويلة. فقال الفرزدق:

  اعتذار الفرزدق عن ضربة الرومي وما قال من الشعر في ذلك

  صوت

  فهل ضربة الرّوميّ جاعلة لكم ... أبا عن كليب أو أبا مثل دارم

  كذاك سيوف الهند تنبو ظباتها ... وتقطع أحيانا مناط التمائم

  ولا نقتل الأسرى ولكن نفكَّهم ... إذا أثقل الأعناق حمل المغارم

  ذكر يونس أنّ في هذه الأبيات لحنا لابن محرز، ولم يجنّسه.


(١) في معظم الأصول: «أربع» وصوابه من مب، ها، ف، و «النقائض» ٣٨٣.

(٢) في معظم الأصول: «الحسين» وصوابه في مب، ها، ف، و «النقائض» و «اتعاظ الحنفاء» ٨.

(٣) ثوب ممصر: مصبوغ بحمرة خفيفة، أو بصفرة خفيفة.

(٤) الجامعة: الغل، لأنها تجمع اليدين إلى العنق.

(٥) أطنه: قطعه.

(٦) في «النقائض»: «فقال سليمان: واللَّه ما هو من جودة السيف أجاد الضريبة، ولكن بجودة حسبه وشرف مركبه».

(٧) التكملة من «النقائض».