كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار الحزين ونسبه

صفحة 229 - الجزء 15

  وقال يعرّض بسليمان ويعيّره بنبوّ سيف ورقاء بن زهير العبسيّ عن خالد بن جعفر - وبنو عبس أخوال سليمان - قال:

  /

  فإن يك سيف خان أو قدر أتى ... بتعجيل نفس حتفها غير شاهد⁣(⁣١)

  فسيف بني عبس وقد ضربوا به ... نبا بيدي ورقاء عن رأس خالد

  كذاك سيوف الهند تنبو ظباتها ... وتقطع أحيانا مناط القلائد

  وروي هذا الخبر عن عوانة بن الحكم، قال فيه:

  إنّ الفرزدق قال لسليمان: يا أمير المؤمنين، هبّ لي هذا الأسير. فوهبه له فأعتقه، وقال الأبيات التي تقدّم ذكرها، ثم أقبل على رواته وأصحابه فقال: كأنّي بابن المراغة وقد بلغه خبري فقال:

  بسيف أبي رغوان سيف مجاشع ... ضربت ولم تضرب بسيف ابنه ظالم

  ضربت به عند الإمام فأرعشت ... يداك وقالوا محدث غير صارم

  قال: فما لبثنا غير مدّة يسيرة حتّى جاءتنا القصيدة وفيها هذان البيتان، فعجبنا من فطنة الفرزدق.

  / وأخبرني بهذا الخبر محمد بن خلف وكيع قال: حدّثنا محمد بن عيسى بن حمزة العلوي، قال: حدّثنا أبو عثمان المازني قال:

  زعم جهم بن خلف أنّ رؤبة بن العجاج حدّثه. فذكر هذه القصيدة وزاد فيها.

  قال: واستوهب الفرزدق الأسير فوهبه له سليمان، فأعتقه وكساه، وقال قصيدته التي يقول فيها:

  ولا نقتل الأسرى ولكن نفكَّهم ... إذا أثقل الأعناق حمل المغارم

  قال: وقال في ذلك:

  تباشر يربوع بنبوة ضربة ... ضربت بها بين الطَّلا والحراقد⁣(⁣٢)

  ولو شئت قدّ السيف ما ين عنقه ... إلى علق بين الحجابين جامد⁣(⁣٣)

  فإن ينب سيف أو تراخت منيّة ... لميقات نفس حتفها غير شاهد

  فسيف بني عبس وقد ضربوا به ... نبا بيدي ورقاء عن رأس خالد

  قال: وقال في ذلك:

  أيضحك الناس أن أضحكت سيّدهم ... خليفة اللَّه يستسقى به المطر

  فما نبا السيف عن جبن ولا دهش ... عند الإمام ولكن أحّر القدر


(١) في معظم الأصول: «بتعجيل نفس» وظاهره أنه عكس المعنى، ويمكن أن يحمل على أنه عجل بإحضاره على حين أن حتفه بعيد.

وفي مب وف و «الديوان» ١٨٦: «بتأخير نفس». وفي «النقائض» ٣٨٤ و «العمدة» (١: ١٢٦): «لتأخير نفس». وفي «الحيوان» (٣: ٩٧): «لميقات يوم».

(٢) الطلا: جمع: طلوة وطلية، وهي أصل العنق. والحراقد، جمع حرقدة، وهي عقدة الحنجور. ح، أ، م: «الحرائد» مب، ها، ف:

«الحدائد» س، ب: «المحارد»، والصواب ما أثبت.

(٣) في «النقائض» ٣٨٤:

ولو شئت قط السيف ما بين أنفه ... إلى علق بين الشراسيف جامد