أخبار زياد الأعجم ونسبه
  فأقبلت على من حضر فقلت: يا لأمّ كعب أخزاها اللَّه تعالى، ما أنمّها حين تخبر ابنها بقلفتي! فضحك الناس وغلبت عليه في المجلس.
  فقال له زياد: يا أبا فراس، هب لي نفسك ساعة ولا تعجل حتّى يأتيك رسولي بهديّتي ثم ترى رأيك. وظنّ الفرزدق أنه سيهدي إليه شيئا يستكفّه به، فكتب إليه:
  وما ترك الهاجون لي إن أردته ... مصحّا أراه في أديم الفرزدق
  وما تركوا الحما يدقّون عظمه ... لآكله ألقوه للمتعرّق
  سأحطم ما أبقوا له من عظامه ... فأنكت عظم الساق منه وأنتقي(١)
  فإنا وما تهدي لنا إن هجوتنا ... لكالبحر مهما يلق في البحر يغرق
  فبعث إليه الفرزدق: لا أهجو قوما أنت منهم أبدا.
  زياد أهجى من كعب الأشقري
  قال أبو المنذر: زياد أهجى من كعب الأشقريّ، وقد أوثر عليه في عدّة قصائد. منها التي يقول فيها.
  قبيّلة خيرها شرّها ... وأصدقها الكاذب الآثم(٢)
  وضيفهم وسط أبياتهم ... وإن لم يكن صائما صائم
  وفيه يقول:
  إذا عذّب اللَّه الرجال بشعرهم ... أمنت لكعب أن يعذّب بالشعر
  / وفيه يقول:
  أتتك الأزد مصفرّا لحاها ... تساقط من مناخرها الجواف(٣)
  هجاؤه لأبي قلابة الجرمي
  أخبرني وكيع قال: حدثني أحمد بن عمر بن بكير قال حدثنا الهيثم عن ابن عياش قال:
  دخل أبو قلابة الجرميّ مسجد البصرة وإذا زياد الأعجم، فقال زياد: من هذا؟ قال: أبو قلابة الجرميّ، فقام على رأسه فقال:
  قم صاغرا يا كهل جرم فإنّما ... يقال لكهل الصّدق قم غير صاغر
(١) يقال نكت العظم: ضرب طرفه بشيء ليخرج مخه. والانتقاء: استخراج النقي، وهو المخ. في جمهور الأصول: «فأنكب»، صوابه من مب، ها، ف، و «الشعر والشعراء» ٩٦ و «معجم الأدباء».
(٢) قبيلة: مصغر قبيلة.
(٣) الجواف: ضرب من السمك، واحدته جوافة. وفي جمهور الأصول: «من مباديها الحراف»، والوجه ما أثبت من مب، ها، ف، و «الشعر والشعراء».