كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار شارية

صفحة 275 - الجزء 16

  موضعا في هذا الصوت؟ قلت: لا. قال: فقل وأكثر. قلت: مائة مرّة. قال: اصعد ما بدالك. قلت: ثلاثمائة.

  قال: أكثر واللَّه من ألف مرّة، حتى قالته كذا.

  عقوبتها

  قال: وكانت / ريّق تقول: إن شارية كانت إذا اضطربت في صوت، فغاية ما عنده من عقوبتها، انه يقيمها تغنيه على رجليها، فإن لم تبلغ الذي يريد، ضربت ريق⁣(⁣١).

  شارية تضرب بالعود

  قال: ويقال إن شارية لم تضرب بالعود إلا في أيام المتوكل، لمّا اتصل الشرّ بينها وبين عريب، فصارت تقعد بها عند الضرب، فضربت هي بعد ذلك.

  إبراهيم يمتنع من بيعها

  قال ابن المعتز: وحدّث محمد بن سهل بن عبد الكريم، المعروف بسهل الأحول، وكان قاضي الكتاب في زمانه، وكان يكتب لإبراهيم، وكان شيخا ثقة، قال: أعطى المعتصم إبراهيم بشارية سبعين ألف دينار، فامتنع من بيعها. فعاتبته على ذلك، فلم يجبني بشيء. ثم دعاني بعد أيام، فدخلت وبين يديه مائدة لطيفة. فأحضره الغلام سفّودا فيه ثلاث فراريج، فرمى إليّ بواحدة، فأكلتها وأكل اثنتين، ثم شرب رطلا وسقانيه، ثم أتي بسفود آخر، ففعل كما فعل، وشرب كما شرب وسقاني. ثم ضرب سترا كان إلى جانبه، فسمعت حركة العيدان، ثم قال: يا شارية تغنّى. فسمعت شيئا ذهب بعقلي. فقال: يا سهل، هذه التي عاتبتني في أن أبيعها بسبعين ألف دينار، لا واللَّه، ولا هذه الساعة الواحدة بسبعين ألف دينار.

  نسبها وبيعها

  قال: وكانت شارية تقول: إن أباها من قريش، وإنها سرقت صغيرة، فبيعت بالبصرة من امرأة هاشمية، وباعتها من إبراهيم بن المهديّ. واللَّه أعلم.

  رأى في غنائها

  أخبرني عمي، قال: حدّثني عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن طاهر، قال: أمرني المعتز ذات يوم بالمقام عنده، فأقمت. فأمر فمدّت الستارة، وخرج من كان يغني وراءها، وفيهنّ شارية، ولم أكن سمعتها قبل ذلك. فاستحسنت ما سمعت منها، فقال لي أمير المؤمنين المعتز: يا عبيد اللَّه، كيف ما تسمع منها عندك⁣(⁣٢)؟ فقلت: حظ العجب من هذا الغناء، أكثر من حظ الطرب. فاستحسن ذلك، وأخبرها به فاستحسنته.

  تلعب النرد مع ريق

  قال ابن المعتز: وأخبرني الهشاميّ، قال: قالت لي ريّق: كنت ألعب أنا وشارية بالنرد بين يدي إبراهيم، وهو متكئ على مخدّة ينظر إلينا، فجرى بيني وبين شارية مشاجرة في اللعب، فأغلظت لها في الكلام بعض الغلظة.


(١) أي أخذت من شارية العود، وضربت هي به، لتضبط اللحن.

(٢) ف: كيف ما تسمع مما عندك؟