أخبار الحسين بن مطير ونسبه
  ثم جزت. فقال: قف. ماذا يقول؟ فلم أدر ما يقول. فقال: يا بن أخي، أنا أعلم الناس بكلام العرب، يقال: تراءى الموضعان: إذا تقابلا.
  يفد على معن بن زائدة فينقد شعره
  أخبرني أحمد بن عبيد اللَّه بن عمار، والحسن بن عليّ، ويحيى بن عليّ، قالوا: حدّثنا الحسن بن عليل العنزيّ قال: حدّثنا أحمد بن عبد اللَّه بن عليّ، قال: حدّثني أبي:
  أن الحسين بن مطير وفد على معن بن زائدة لما ولي اليمن وقد مدحه، فلما دخل عليه أنشده:
  أتيتك إذ لم يبق(١) غيرك جابر ... ولا واهب يعطي اللَّها والرغائبا
  / فقال له معن: يا أخا بني أسد، ليس هذا بمدح، إنما المدح قول نهار بن توسعة أخي بني تيم اللَّه بن ثعلبة، في مسمع بن مالك.
  قلدته عرا الأمور نزار ... قبل أن تهلك السراة البحور(٢)
  قال: وأوّل هذا الشعر:
  اظعني من هراة(٣) قد مر فيها ... حجج مذ سكنتها وشهور
  اظعني نحو مسمع تجديه ... نعم ذو المنثنى(٤) ونعم المزور
  سوف يكفيك إن نبت بك أرض ... بخراسان أو(٥) جفاك أمير
  من بني الحصن عامل بن بريح ... لا قليل الندى ولا منزور(٦)
  والذي يفزع الكماة إليه ... حين تدمى من الطعان النحور
  فاصطنع يا بن مالك آل بكر ... واجبر العظم إنه مكسور
  فغدا إليه بأرجوزته التي مدحه بها، وأوّلها:
  /
  حديث ريا حبّذا إدلالها ... تسأل عن حالي وما سؤالها
  عن امرئ قد شفّه خيالها ... وهي شفاء النفس لو تنالها
(١) كذا في ف، و «معجم الأدباء» لياقوت (١٠: ١٦٧) و «الخزانة» (٢: ٤٨٥). وفي ج: «أتيتك لما لم يبق». وفي بقية النسخ: «أتيتيك لما يبق». واللها: جمع لهوة، بضم اللام وفتحها: العطية، دراهم أو غيرها.
(٢) السراة: أعالي الناس وأشرافهم، واحدهم سريّ. ونهار بن توسعة بن أبي عتبان من بني حنتم، من بكر بن وائل. وكان أشعر بكر بخراسان، في أيام الدولة الأموية، هجا قتيبة بن مسلم، ثم مدحه.
(٣) هراة: مدينة عظيمة في مدن خراسان.
(٤) في جميع النسخ: «ذا المنثنى». وفي «الخزانة»: «ذي المنتأى». والصحيح: «ذو» لأنه فاعل بنعم. والمنتأى: المكان البعيد، أو مصدر ميمي، ومعناه: أن مسمعا نعم الرجل النائي المحل، الذي يجزل العطاء لقاصده. ومعنى «نعم ذو المنثنى»: نعم الرجل ينثني عنه قاصده بخير كثير.
(٥) في «الخزانة»: «إذ». ورواية الأصول أجود.
(٦) كذا في ف، و «خزانة الأدب» (٢: ٤٨٦). وفي الأصول: «من بني الحضر عامر بن سريج».