كتاب الأغاني،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أخبار النعمان بن بشير ونسبه

صفحة 289 - الجزء 16

  وروى النعمان بن بشير عن النبيّ كثيرا.

  يروي الحديث العدل بين الأولاد

  حدّثني أحمد بن محمد بن الجعد الوشاء. قال حدّثني أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدّثنا عباد بن العوّام، عن الحصين، عن الشعبيّ، قال:

  سمعت النعمان بن بشير يقول: أعطاني أبي عطية، فقالت أمي عمرة: لا أرضى حتى تشهد رسول اللَّه .

  فأتى رسول اللَّه فقال: ابني من عمرة أعطيته عطية فأمرتني أن أشهدك. فقال: أعطيت كل ولدك مثل هذا؟ قال: لا.

  فقال: فاتقوا اللَّه واعدلوا بين أولادكم.

  يرفض أن يعطي الكوفيين زيادتهم في العطاء لهواهم مع علي

  أخبرني محمد بن خلف وكيع، قال: حدّثنا محمد بن سعيد، قال: حدّثنا العمريّ، عن الهيثم بن عديّ، عن مجالد، عن الشعبيّ، قال:

  أمر معاوية لأهل الكوفة بزيادة عشرة دنانير في أعطيتهم، وعامله يومئذ على الكوفة وأرضها النعمان بن بشير، وكان عثمانيا، وكان يبغض أهل الكوفة لرأيهم في عليّ #. فأبى النعمان أن ينفذها لهم. فكلموه وسألوه باللَّه، فأبى أن / يفعل. وكان إذا خطب على المنبر أكثر قراءة القرآن. وكان يقول: لا ترون على منبركم هذا أحدا بعدي يقول: إنه سمع رسول اللَّه . فصعد المنبر يوما فقال: يأهل الكوفة. فصاحوا⁣(⁣١): ننشدك اللَّه والزيادة.

  فقال: اسكتوا. فلما أكثروا قال: أتدرون ما مثلي ومثلكم؟ قالوا: لا. قال: مثل الضبع والضب والثعلب: فإن الضبع والثعلب أتيا الضب في وجاره، فنادياه: أبا الحسل. فقال: سميعا دعوتما. قالا: أتيناك لتحكم بيننا. قال:

  في بيته يؤتي الحكم. قالت الضبع: إني حللت عيبتي. قال: فعل الحرة فعلت. قالت: فلقطت ثمرة. قال: طيبا لقطت. قالت: فأكلها الثعلب. قال: لنفسه نظر. قالت: فلطمته. قال: بجرمه. قالت: فلطمني. قال: حر انتصر.

  قالت: فاقض بيننا. قال: قد فعلت. قال: حدث امرأة حديثين، فإن أبت فعشرة⁣(⁣٢).

  / فقال عبد اللَّه بن همّام السّلولي:

  زيادتنا نعمان لا تحبسنها ... خف اللَّه فينا والكتاب الذي تتلو⁣(⁣٣)


(١) في الأصول غير (ف): فقام إليه أهل الكوفة فقالوا ...

(٢) روى هذا المثل الميداني في («مجمع الأمثال» ٢: ١٣) على لسان الأرنب والثعلب والضب. ورواه أبو هلال العسكري في «جمهرة الأمثال»، في باب الحاء. وروايته أقرب إلى رواية المؤلف هنا. وقوله: «حدّث امرأة حديثين ... إلخ» روايته في «الجمهرة» و «مجمع الأمثال» هكذا: «حدّث حديثين امرأة، فإن لم تفهم فأربعة». قال الميداني: أي زد. ويروى: فأربع، أي كف. وأراد بالحديثين: حديثا واحدا تكرره مرتين، فكأنك حدّثتها بحديثين. والمعنى: كررّ لها الحديث، لأنها أضعف فهما، فإن لم تفهم فاجعلهما أربعة. وقال أبو هلال: يضرب مثلا لسوء الفهم، وظاهره خلاف باطنه. وحقيقته أنها إذا كانت لا تفهم حديثين، كانت بألا تفهم أربعة أقرب. وقال بعض العلماء: إنما هو: إن لم تفهم فأربع، أي أمسك، وذلك غلط. ولم نجد في روايات «كتب الأمثال»: فعشرة. والمراد: تكرار الحديث، لا حقيقة العدد. وكان الضب وقد تمثل بهذا المثل يوبخ الضبع لأنها أنثى لم تفهم كلامه من أول مرة.

(٣) كذا في ف، مب. وفي بقية الأصول: لا تحرمننا. ورواه أبو زيد الأنصاري في «نوادره» ص ٤: تق اللَّه فينا. وانظر «شرح الرضى على شواهد الشافية» ص ٤٩٦.